العدد 4724
الإثنين 20 سبتمبر 2021
banner
مواقف إدارية أحمد البحر
أحمد البحر
إنها الغيرة ولا أملك سواها
الإثنين 20 سبتمبر 2021

ربما أستطيع سيدي القارئ أن أبدأ بالموقف مباشرة دون الالتزام بالقاعدة التي رسمتها لمقالاتي، وهي تنشيط الذاكرة بالمفاهيم والتعريفات والأدبيات للموضوع المراد التحدث عنه. فقد رأيت أن أضع القارئ الكريم أمام مشهد واقعي للغيرة غير المحمودة وأترك له ممارسة مهارة الاستنتاج لديه. أما التعريف وكما يراه الاختصاصيون فإني أورده في نهاية هذه السطور وإليك الموقف:

دخل مدير مكتب الرئيس التنفيذي على صديقه يوسف وبعد تقديمه بروتوكولات السلام والتحايا قال: أرجو أن تعذرني وتصفح عني فقد أخطأت في حقك ربما دون قصد.! لم ينتظر المدير ردة فعل يوسف وإنما واصل حديثه: كنت أحضر هذا اليوم اجتماع الرئيس مع نوابه ومساعديه بحكم عملي. بعد انتهاء الاجتماع، طرح الرئيس اقتراحاً بترقيتك ونقلك إلى وظيفة إدارية رفيعة. لقد وجدت نفسي في تلك اللحظة تحت سيطرة الغيرة اللعينة فقلت للرئيس:

لماذا لا تعلنون عن هذه الوظيفة؟ لماذا لا يشغل هذه الوظيفة أحد من خارج المؤسسة؟ أما يوسف فقد أعطيت له أكثر من فرصة! وفي رأيي أنه تم استهلاك قدراته. تابع المدير وهو يحاول ترتيب عباراته بصعوبة: اسمح لي صديقي فقد قلت غير الحقيقة، فكلنا نعرف قدراتك وكفاءتك ولكنها الغيرة، نعم الغيرة! أتدري ماذا كان جواب أو تعليق الرئيس على ما قلته؟ قال لي وبنبرة صوت غير عادية ونظرات لا ولن أنساها:

هذا ليس من شأنك. أما كفاءة صديقك فأنت تعرفها أكثر من غيرك. انصحك يا ابني أن تهتم بتطوير قدراتك لكي لا تجبرني على إنهاء خدماتك. كان يوسف يستمع إلى (صديقه) بهدوء غريب وقال بعد انتهائه: اقدر اعترافك بهذا الخطأ كما اسميته والذي اعتبره أنا دافعا إيجابيا قويا لتحقيق طموحاتي المهنية. أنا لدي مبدأ يا صديقي يقول كن مستعداً فقد تأتي الفرصة أي وقت. دعني أشرحه لك، فقدراتك على الاستيعاب محدودة كما أعرف. هذا يعني أني أعمل بجد واجتهاد وفي مسار مواز أواصل تطوير مؤهلاتي وخبراتي. والآن ماذا تمتلك أنت غير الغيرة والحسد؟

لنعد سيدي القارئ لتعريف الغيرة كما يراها الاختصاصيون “الغيرة هي انفعال مركب يجمع بين حب التملك والشعور بالغضب نحو الآخرين، الذين تمكنوا من تحقيق أهدافهم التي لم يستطع الشخص الغيور تحقيقها، ما ينتج عنها أحيانا التشهير بالآخرين أو مضايقتهم أو تخريب أعمالهم وإنجازاتهم”. انتهى. ما رأيك سيدي القارئ؟

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .