العدد 4704
الثلاثاء 31 أغسطس 2021
banner
د.حورية الديري
د.حورية الديري
الحرف الناقص
الثلاثاء 31 أغسطس 2021

نبدأ من داخل معجم الذاكرة، حيث حالات التذبذب التي نصاب بها أحيانًا ونحن نجول بحثًا عن كلمة مناسبة لتكملة جملة نريد بها معنى محددا، ويا لهول الموقف حينما نحاول مرة وأخرى دونما فائدة، فنرى حورًا في العين، إحداهما تتبع الأخرى بالنظر إلى أعلى، نتصفح معها صور الذاكرة وقد لا تسعفنا، وتكون هذه اللحظة من أصعب اللحظات التي يبحث خلالها الشخص عن كلمة لاستكمال الجملة، ما قد يجعله في حيرة من أمره.

النظرة التحليلية لهذا الموقف تحمل أكثر من منظور، ربما لم نتصفح المعجم بطريقة مناسبة حينها مع الوقت المتاح، أو ربما نحتاج إلى إعادة برمجته ليكون أسرع وأوضح من ذي قبل لمواكبة الحدث واللحظة، وهذه لا تكون آنية اللحظة، لأنها تحتاج إلى وعي وتركيز وتدرب مستمر. وبالرجوع إلى الحرف الناقص في الكلمة “ح.... ب” فإنني أراها ذات اللحظة التي يبحث فيها الشخص عن نفسه متسائلاً عن أسباب عدم الرضا التي تجتاحه بعد كل حوار، ربما يتطلب الأمر جرعات من التدرب وتكرار المواقف حتى يتقن ذلك، لكن المشكلة قد تتفاقم عند التعلثم والتردد، وقد تولد الشعور بالخيبة والنقص.

وها قد قصر الطريق علينا الآن؛ إذ وصلنا إلى عدة أمور تتطلبها لعبة الحرف الناقص، أقدمها لكم في صندوق صغير لتساعدنا في تنمية مهارة الحوار، واسمحوا لي أن اكتب عبارة “تقبل نفسك” عنوانًا للصندوق الذي يتضمن رموزًا ناقصة تتطلب اجتهادًا من صاحبها للبرهنة عليها، واستكمالها من خلال عدة أمور أراها ضرورية أهمها أن يكون الشخص صديقًا لنفسه لطيفًا معها يقدر إنجازاته ويعرف مميزاته، ويحيط نفسه بكل إيجابي، ويعمل على تنمية وعيه مع التركيز على الذكاء العاطفي.

كل ذلك يجعل الشخص يفكر بسلاسة تامة ويساعده على فلترة العقل باستمرار. هنا يتنامى شعور الشخص بقدراته وإمكانياته، وتزيد قدرته على الإنجاز والتفوق المستمر الذي يساعده على التعويض التدريجي لما ينقصه، فلا إحساس بالذنب أو التقصير، بل إحساس بالفخر والثقة. هكذا أرى موضوع تنمية الذات من خلال البحث عن الحرف الناقص دائمًا، ولا غرو بأن يختلف الحرف الذي أضعه عن الحرف الذي تضعه أنت فكلانا نكمل الناقص ونصنع الصورة.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .