تُبكي مشاهد أفغانستان التي تتصدر الإعلام هذه الأيام الصخر، بعد أن سيطرت حركة طالبان على السلطة في كابل، معلنة إمارة أفغانستان الإسلامية، والتي مازال الغموض يكتنفها، خصوصا أنها وعدت بما لم يكن منها متوقعاً، وهو السماح للمرأة بالتعليم والعمل، في مقابل عدم إبداء أي نوع من التفاؤل من أطراف عدة، ومنهم الرئيس الأميركي الذي استبعد تغير الحركة.
الأمر المحزن حقيقة المظاهر المضطربة وحالات الهلع بعد تولي طالبان السلطة، فإلى أية درجة يستطيع الخوف أن يعتمر القلوب، حتى يجعل الإنسان يهاب البقاء تحت سطوة إنسان آخر، ولا يهاب الموت؟!
اعتلى بهم الخوف أطراف طائرة عسكرية، وكان بعضهم ممن ينبغي أن يتحلوا بشيء من الدراية لخطورة ما يفعلون، فهل كانوا يدركون أن ذلك يعد بمثابة انتحار؟! هل أدركوا أن الموت كان قادماً لا محالة، أم أنهم اختاروا الموت بدل البقاء تحت رحمة الحركة؟!
كما أنه ليس أقسى، ولا أفجع من التهافت الكبير على المطار، وتسليم الأمهات صغارهم إلى القوات العسكرية الأجنبية، أملاً في أن يجدوا لهم حياة أفضل من بقائهم في ظل حكم طالبان! فما حجم الخوف واليأس الذي يعتمر قلب أم تتخلى عن فلذة كبدها بهذه الكيفية؟!
إن كل هذه المشاهد وغيرها من أفغانستان لهي شواهد وعبر ينبغي أن يتعظ منها الجميع، وأن يحمدوا عيشهم في أوطان آمنة، فليس أغلى، ولا أهم من الحياة بأمان، فأية لقمة تهنأ في ظل تهديد وقتل وترويع؟! وأية راحة تنشد والخطر محيط؟! فالحمد لله على ما أنعم علينا من وطن آمن، ونعم كثيرة أخرى، لا تعد ولا تحصى.