العدد 4680
السبت 07 أغسطس 2021
banner
فن الإبداع في تفويت الفرص
السبت 07 أغسطس 2021

أحد التعريفات الجميلة لعلم السياسة الذي درسناه على مقاعد الجامعة أنه “فن الممكن”، وهذا يعني، إن جاز لي تعريفه في مجال السياسة الخارجية هو “فن الممكن لأية دولة تمارسه على قاعدة التعايش السلمي مع الدول ذات الأنظمة الاجتماعية المختلفة” وخصوصا مع جيرانها، لكن للأسف وعلى النقيض من تطبيق هذا المفهوم نجد إيران الجارة تعمل حثيثاً منذ تأسيس نظامها الحالي عام 1979 على فن تفويت أية فرص تلوح في الأفق لتطوير علاقاتها مع جيرانها المشوبة بالتوتر، وهذه الفرص لم تلح في الأفق إلا في أعقاب رحيل مرشدها الإمام الخميني عام 1989، والشواهد على ذلك عديدة لكن لعل أهمها ما تحقق من انفراج نسبي في تلك العلاقات أواخر التسعينيات وأوائل القرن الحالي، تتوج بزيارة الرئيس الراحل هاشمي رفسنجاني للرياض عام 1998، وزيارة خلفه الرئيس محمد خاتمي للرياض نفسها عام 1999، ثم زيارته المنامة في 2003، لكن سرعان ما تولى الرئاسة من بعده عام 2009 الرئيس المحافظ أحمدي نجاد المعروف بتشدده وضيق أفقه السياسي.

ورغم أن من جاء بعده هو الإصلاحي حسن روحاني إلا أن العلاقات الإيرانية  الخليجية بلغت ذروة توترها قبيل مجيئه، وأضحت مرشحة لتفاقم أعظم بتولي الرئاسة مؤخراً الرئيس المحافظ المتشدد إبراهيم رئيسي المتهم من قبل منظمات حقوق الإنسان الدولية بانتهاكات جسيمة بحق الآلاف من أبناء شعبه عندما كان قاضياً، علماً أن من يملك مفاتيح صناعة القرار السياسي في أعلى هرم النظام هو المرشد الحالي علي خامنئي الذي سار على نهج سلفه تطرفاً.

ويمكن القول في ضوء ما تقدم إن تحسين إيران علاقاتها مع جيرانها بات اليوم أشبه بالمعجزة في ظل المناخ السياسي السائد المتلبد في هذه الساعة بالغيوم الكثيفة المخيفة في سماء خليجنا العربي، ما لم تعمل طهران من جانبها على بذل أقصى جهودها لتهيئة الأجواء لتحقيق مثل هذه الانعطافة، ليس من أجل شعبها فحسب، بل ومن أجل كذلك تأمين مستقبل نظامها السياسي الذي لا نبالغ إذا ما قلنا إنه بدأ العد العكسي الفعلي لانهياره.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية