+A
A-

هل تتحمل أسواق النفط عودة إيران مع تقدم المحادثات الأميركية؟

تستعد إيران لزيادة مبيعات النفط العالمية وسط بوادر تقدم ملحوظ في محادثات رفع العقوبات. ولكن حتى إذا تم توقيع اتفاق، فقد يكون تدفق النفط الخام الإيراني إلى السوق تدريجياً.

وقال مسؤولون إن شركة النفط الإيرانية الوطنية الحكومية تعمل على تهيئة حقول النفط، حتى تتمكن من زيادة الصادرات إذا تم إبرام اتفاق.

وفي أكثر التقديرات تفاؤلاً، يمكن أن تعود إيران إلى مستويات الإنتاج قبل العقوبات التي كانت تقارب 4 ملايين برميل يومياً في أقل من 3 أشهر. كما يمكنها الاستفادة من مخزون النفط الضخم المخزن بعيداً.

من جانبه قال المسؤول السابق في شركة النفط الوطنية الإيرانية، محمد علي خطيبي، "لا يزال هناك العديد من العقبات التي يجب التغلب عليها". مضيفاً أنه يجب أن يؤدي أي اتفاق إلى تفكيك سلسلة الحواجز الأميركية بالكامل على التجارة والشحن والتأمين التي تشارك فيها الكيانات الإيرانية.

وقال خطيبي في مقابلة "قد تكون عودتنا عملية تدريجية وليست سريعة ومفاجئة - ولا يمكن أن تحدث بين عشية وضحاها." قد تكون "عملية مطولة، ويرجع ذلك جزئياً إلى جائحة فيروس كورونا التي أضرت بالطلب بشكل كبير".

 

في متناول اليد

أشار الدبلوماسيون الأميركيون والإيرانيون، الذين يتفاوضون حالياً عبر حكومات وسيطة في فيينا، إلى أن الاتفاقية في طريقها إلى الخروج للنور.

وفي حال نجاحهم، يمكنهم إعادة تفعيل الاتفاق النووي الدولي الذي انسحب منه دونالد ترمب من جانب واحد في عام 2018.

وسيتطلب ذلك من إيران قبول القيود المفروضة على أنشطتها النووية مرة أخرى، مقابل رفع مجموعة من العقوبات الصارمة التي فرضها الرئيس الأميركي السابق.

يأتي ذلك فيما استفادت طهران بالفعل من المناخ الأقل عدائية الذي بشر بانتخاب الرئيس جو بايدن. حيث انتعشت مبيعاتها من النفط إلى الصينيين، وقادت الإنتاج للارتفاع بنسبة 20% تقريباً هذا العام إلى 2.4 مليون برميل يومياً، وهو أعلى مستوى في عامين، وفقاً للبيانات التي جمعتها بلومبرغ، واطلعت عليها "العربية.نت".

بدورها، قالت رئيسة شركة الاستشارات SVB Energy International في واشنطن، سارة فاخشوري: "حتى إذا لم تُرفع العقوبات، اعتماداً على قدرتهم على بيع النفط في السوق السوداء، فإنهم سيزيدون إنتاجهم أكثر".

 

صيانة الآبار

قام المهندسون في شركة النفط الوطنية الإيرانية المملوكة للحكومة بتناوب إنتاج النفط الخام بين الحقول المختلفة للحفاظ على ضغط الخزان الكافي، وفقاً لمسؤولين في الشركة طلبوا عدم الكشف عن هويتهم عند مناقشة العمليات. هذا الإجراء حاسم للحفاظ على مستويات الإنتاج. وقالت فاخشوري من SVB إن عمليات ضخ الغاز في حقول النفط القديمة في جنوب البلاد تلعب دوراً مماثلاً.

ووفقاً للعضو المنتدب لمنطقة الشرق الأوسط في شركة FGE الاستشارية، إيمان ناصري، فإذا كان هناك اتفاق مع الولايات المتحدة، يمكن للجمهورية الإسلامية زيادة الإنتاج إلى ما يقرب من 4 ملايين برميل يومياً في غضون 3 إلى 6 أشهر.

ويتوقع البعض الآخر وتيرة أبطأ. حيث يرى، رضا باديدار، رئيس لجنة الطاقة في غرفة تجارة طهران، في مقابلة عبر الهاتف، إن الأمر سيستغرق من 12 إلى 15 شهراً بعد رفع العقوبات لزيادة الإنتاج إلى 3.8 مليون برميل يومياً. وقال إن بعض الأعمال المطلوبة لاستعادة القدرة في الحقول، مثل إزالة وصيانة مضخات الآبار المسدودة، يمكن أن تستغرق شهراً واحداً لكل بئر.

 

مخزونات الصين

حتى قبل زيادة الإنتاج، يمكن لإيران أن تحقق زيادة في مبيعات النفط. وتقدر ناصري من FGE أن البلاد قد خزنت حوالي 60 مليون برميل من النفط الخام. حيث قدرت أن هناك حوالي 11 مليون برميل من هذا الخام، بالإضافة إلى 10 ملايين برميل أخرى من المكثفات، في "تخزين جمركي" في الصين، حيث يكون جاهزاً لبيعه للمستخدمين النهائيين.

وتشكل إعادة التشغيل الإيراني تعقيدات على منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وحلفائها. حيث يعمل التحالف المكون من 23 دولة على استعادة إنتاج النفط تدريجيا الذي خفضه العام الماضي عندما أثرت أزمة فيروس كورونا على الطلب.

وألمح وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان إلى أن مجموعة المنتجين ستفسح المجال لإيران لزيادة الإنتاج، كما فعلت في الماضي.

 

محادثات صعبة

مع استمرار المساومة بين طهران وواشنطن على تأمين أفضل الشروط من المحادثات، قد يستغرق الاتفاق المزيد من الوقت.

وقد تتأثر المحادثات أيضاً بانتخابات الشهر المقبل، والتي يتنحى بعدها الرئيس الإيراني حسن روحاني. بينما أيد المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي المفاوضات حتى الآن، فقد يتخذ خليفة روحاني موقفاً أكثر تشدداً ضد الولايات المتحدة.

وحتى إذا تم رفع العقوبات، فإن إيران تواجه مشاكل أخرى. وقال خطيبي إن شركات تكرير النفط وقعت على الأرجح عقودا سنوية في بداية العام، مما يترك مجالا ضئيلا لطهران للتوصل إلى اتفاقات إمداد طويلة الأجل خاصة بها في الوقت الحالي.

وقال "أكبر مخاوفنا هي القيود المفروضة على عملائنا وخوفهم من شراء النفط من إيران." "مع اقترابنا من نهاية العام، سنشهد إبرام المزيد من العقود المؤجلة".

وقال باديدار من غرفة التجارة في طهران إن عقوبات ترمب "خنق" علاقات إيران مع العملاء التقليديين بما في ذلك الهند والصين وكوريا الجنوبية واليابان وتركيا إلى حد أكبر من الجولات السابقة من القيود التجارية.

بالنسبة للكثيرين في السوق، من بنوك وول ستريت مثل جي بي مورجان تشيس وشركاه إلى الشركات التجارية مثل مجموعة فيتول، يتعافى الطلب على النفط بسرعة كافية لاستيعاب براميل إيرانية إضافية بشكل مريح. نظراً لأن النشر السريع للقاحات يساعد في إنهاء عمليات الإغلاق، فإن الطلب المكبوت على السفر سيؤدي إلى زيادة الاستهلاك في النصف الثاني.

وقال رئيس تجارة النفط في آسيا لمجموعة فيتول، أكبر متداول مستقل في العالم، مايك مولر: "هناك مساحة لعودة النفط من إيران". "لن تعود دفعة واحدة".