العدد 4581
الجمعة 30 أبريل 2021
banner
الثقافة بناء ديناميكي مفتوح
الجمعة 30 أبريل 2021

حينما ذهب جون بيرجر الناقد الفني الإنجليزي إلى موسكو وقابل مجموعة من الفنانين هناك، وجد أن موقفهم يناقض تماما موقف الفنانين الإنجليز، إذ يؤمنون بوجود هدف أخلاقي واجتماعي للفن، أما الفن للفن فهم يطلقون عليه فنا حرفيا ولا يعيرونه أي اهتمام، والفنان في نظرهم إذا لم يكن مبشرا لا يصبح شيئا على الإطلاق.

ويقول الفنان الروسي “يورس سوبوليف” إن المشكلة تكمن في أيهما نأخذ به، الجمال الشكلي أم جمال المضمون؟ أما نحن فلا نهتم إلا بالمضمون، إذ نحاول بطريقتنا غير اللفظية الوصول إليه، والواقع كما يقول بيرجر، أن هؤلاء الفنانين يؤمنون تماما بأن وظيفة الفن في المجتمع “أ” قد تختلف عنها في المجتمع “ب”، وأن عملهم الفني يساهم حقيقة في تطور مجتمعهم.

ومن بين الفنانين الذين قابلهم بيرجر الفنان “أرنست نیزفستني” وهو أشهرهم جميعا، وأثر كثيرا على فنانين أصغر منه ليس بأسلوبه كمثال، ولكن بطريقته الجريئة التي يفكر ويعمل بها، وهو يؤمن بأن الفن يجب أن يحوي أفكارا وذلك لكي يكون فنا إنسانيا، فجميع شخصيات “ديستوفيسكي” تقوم على أفكار وهذا هو السبب في عمقها، والفن وحده في نظر “نيزفستني” هو الذي يجعل الناس يتعرفون على أنفسهم.

وخلال الزيارة بادر الفنان “يوري سوبوليف” بسؤال الناقد الإنجليزي جون بيرجر “أرجو أن تصارحنا بنقاط الضعف في أعمالنا، هل نحن فنانون محليون فقط أم لا؟ أخبرنا ولا تلتمس لنا أعذارا، نحن لا نؤمن بأن الثقافة بناء مغلق يستطيع فيه كل فنان أن يضع حجرا، بل الثقافة بناء ديناميكي مفتوح، فكل فنان يجب أن يجاهد بمفرده للوصول إلى الحقيقة، وذلك ما يدفع إلى التقدم”.

إن كل ذلك، أي ما حدث بين الإنجليز والروس، يعرفنا على نظرة المجتمعات إلى الفن بمعناه الشكلي والباطني والرمزي، فهناك من يعتبر العمل الفني خلقا، وهناك من يعتبره تعبيرا، والفرق بين الخلق والتعبير كبير.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية