من يتابع مسلسل "الاختيار 2 .. رجال الظل" للمخرج الرائع بيتر ميمي، والكاتب والسيناريست هاني سرحان والذي يحظى بمتابعة شعبية كبيرة في عموم أرجاء الوطن العربي، أن هناك تميزا في أسلوب كتابة النص وخلق المواقف والبنية العامة للعمل، فالسيناريو حسب نسمة أحمد البطريق مؤلفة كتاب "نصوص السينما والتلفزيون والمنهج الاجتماعي" هو عبارة عن مواقف متعددة ومتتالية، وتلك المواقف يجب أن يحددها الكاتب دون مغالاة أو افتعال ويحددها في تسلسل طبيعي . تلك المواقف هي التي ستقدم وتشرح فكرته وموقفه من الأحداث. والكاتب يجب أن يحدد دائما المواقف المهمة والأساسية بالنسبة للحدث ويبرزها، فهي التي ستقدم الحدث وتطوره أي تدفعه إلى الأمام دائما.

تابعت مسلسل الاختيار 2 منذ حلقته الأولى، وأبهرني الكاتب والسيناريست هاني سرحان  في طريقة رسمه للشخصيات وكأنه يعيش معها الأحداث وفي جوها الداخلي والخارجي ويتطور معها، فقد استطاع باحترافية أن يعالج نماذج اجتماعية متطرفة خصوصا وأنه قد اطلع على الملفات الحقيقية والمحاضر الواقعية من المخابرات المصرية قبل البدء في كتابة سيناريو المسلسل، وهذا ما جعله يقدم لنا بناء دراميا متكاملا وتكنيكا مشوقا في تسلسل الأحداث الى جانب المواقف الجانبية

هاني سرحان رسم شخصيات ضباط الشرطة المصرية كنفوس متحمسة مشتعلة للتضحية في سبيل الوطن والتصدي لإرهاب الإخوان المسلمين، "المقدم زكريا، ومحمد مبروك، ويوسف" وغيرهم من البواسل الأبطال، كما أن اختيار الممثلين في المسلسل قد أعطى عمقا وثراء  للعمل، فالفنان كريم عبدالعزيز، والفنان أحمد مكي، والفنان إياد نصار، شكلوا وحدة متألفة من الإبداع تعجز الكلمة عن وصفها وتحليلها، إطار فكري ونفسي للشخصية تدل على الممارسة الطويلة والاتقان والمقدرة العجيبة في مفاجأة المشاهد فكرا وإيقاعا وتفاعلا.

أما المخرج القدير بيتر ميمي، فقدم لنا في هذا الجزء والجزء الأول من المسلسل الإخراج التلفزيوني بمفهومه الدقيق المنظم وأعطى الممثلين وعيا حماسيا مرهفا بقيمة ما يقدمونه وصونه بالأداء الممتاز، إلى جانب الانسجام المتناسق خلف وأمام الكاميرا. كما أن اللقطة عنده تتميز بالكثير من العناصر الفنية التي تثير إعجابنا، خاصة اللقطات الطويلة Long shot واختيار الزوايا والتكوين والتحكيم الابتكاري.​