الكثير من الدلالات التي أرادت مصر أن تقدمها بذكاء كبير للعالم بأسره، بدءا بتعاملها السلس مع أزمة السفينة الجانحة في قناة السويس انتهاء بالعرض التاريخي الذي قدمته إحياء لتراثها أثناء نقلها مومياوات الأمراء والملوك للموقع الجديد في المتحف القومي للحضارة في الفسطاط.
الحقيقة أن أسلوب التعامل الحرفي الكبير مع أزمة السفينة والاعتماد الكلي على الأيدي المصرية في حل هذه الأزمة كان رسالة واضحة بعدم سماح الجمهورية المصرية لأي يكن أن يتدخل في مسائل خاصة وأمور داخلية من الطراز الأول، نعم القناة ممر مهم للعديد من الدول، لكنه يقع وسط أرض مصر دونا عن غيرها من البلدان، وهي الوحيدة المسؤولة عن ما يقع على أرضها، والحقيقة أننا جميعا كنا على ثقة تامة بأن أزمة السفينة الجانحة ستحل بأية وسيلة ممكنة، فدولة استطاعت أن تحطم الكثير من العقبات لن تتأثر بحادث بسيط كالذي مرت به، ثم يأتي العرض التاريخي المذهل الرائع الراقي ليتمم هذه الرسالة ويؤكد وجود مصر في المقدمة دوما، احتفالا بتاريخ عظيم وآلاف السنوات وحفاظا على إرث عظيم، وقد جلست مدهوشة لساعات أمام هذا العرض التاريخي الفني الرائع بكل ما تحمله الكلمة من معنى، وجلست كذلك أفكر مليا في كل ما قدمته مصر من دلالات ومفاهيم عبر رسالة عظيمة بُطنت من خلال تكريم الملوك والأمراء من عهد قديم، حيث تم استقبالهم استقبالا يليق بهم، بل إن الرئيس السيسي تقدم الصفوف لاستقبال الملوك والأمراء وكأنما يستقبل أحياء أمامه، ولم تنس مصر أن تلقي الضوء على تاريخها القبطي والإسلامي والعهد الملكي وصولا إلى مصر الحديثة.
لقد أراد الرئيس السيسي وفريق عمله أن يقول للعالم بالفعل لا بالقول إن هذه هي مصر، الأمة التي تهتم بالماضي والإرث والتاريخ، ولابد أنها ستهتم أكثر مما مضى بالحاضر والتقدم والتطور، هذه مصر التي عهدناها، ولا شعور يضاهي مشاعرنا أثناء متابعتنا مجريات الأحداث في الفترة الأخيرة، وقد كسب الرئيس السيسي الرهان فعلا وأوفى بالوعود التي قطعها على نفسه، بل إنني أعجب لرجل أفعاله تسبق كلماته، فهنيئا لمصر رئيسها وتحيا مصر عربية حرة مستقلة دوما.