+A
A-

السينما الهندية والقضاء على التقسيمات الطائفية بنجاح وجدارة

يقول شاعر باكستان وفيلسوفها العظيم إقبال "ليس في المجتمع الهندي وحدات إقليمية كما هو الحال في الدول الأوروبية، فالهند قارة تقطنها مجموعات بشرية تتبع أجناسا مختلفة، وهي تتكلم بلغات متباينة، وتعتنق أديانا مختلفة".

لو نظرنا إلى السينما الهندية من زوايا عدة لوجدنا أولا أنها ترتكز على أرضية فكرية وجمالية مميزة، وثانيا أنها استطاعت أن تلعب دورا سياسيا مباشرا في تقارب الأديان المختلفة، وجعلت من المواطن الهندي "المسلم، الهندوسي، البوذي، المسيحي، السيخ" تجمعهم اهتمامات واحدة، وعرفت كيف تكون ملتصقة بهموم وقضايا الإنسان والمجتمع دون أي اعتبار لدينه وطائفته، بل ساهمت عبر الكثير من الأفلام في عملية تغيير واسعة ومتعددة الوجوه من اجل خلق عالم هندي جديد وأمة واحدة.

السينما الهندية شديدة التنوع في وحدتها، وهذا لا يعنى انفصالها عن التراث السينمائي العالمي وعن الحركات السينمائية المتقدمة، وإنما نعني بذلك أنها تعبر عن واقع معين انطلاقا من مخزون هذا الواقع الفني والثقافي والفكري، وقد اجتهد صناع الأفلام الهندية في إظهار الهوية باعتبارها هي المنبع الذي ينهل منه الهنود لمواجهة أي خطر محدق بهم، كما فعلت ذلك الأفلام الهندية التي تحدثت عن الاستعمار البريطاني، حيث وضعت جميع الهنود بمختلف دياناتهم في خندق واحد لمواجهة الاستعمار، بل ان مخرج فيلم " كرانتي" أو الثورة الفنان الهندوسي منوج كومار، اختار شخصية الثائر الهندي المسلم " كريم خان" والذي تقمص هذه الشخصية الفنان العظيم " شاتروغان سينها" ليكون المسؤول الأول عن تفجير بوابة قلعة الانجليز ويضحي بحياته لأصعب مهمة واجهت الثوار، فالجميع في هذا الفيلم يسيرون خلف قضية التحرر الوطني من قبضة المستعمر، كما كشف الفيلم الشهير "نصيب" للأسطورة أميتاب باتشان 1981 تقارب الأديان وعلى الإنسان أن يعيش على مبادئه الأساسية وينسجم مع الآخرين، فالبطل في الفيلم يلبس 3 خواتم وكل خاتم مكتوب عليه اسما، فالأول " الله"، والثاني "رمز الصليب" والثالث "رمز آلهة الهندوس"، وعندما يسأله أي أحد من أنت، يجيبه: أنا كل هذه الثلاثة.

واستطاعت السينما الهندية القضاء على التقسيمات الطائفية بنجاح وجدارة، من خلال منطلقات فكرية رسمت بعناية ودقة مسجلة انتصارات تحققت وتتحقق كل يوم، وعندما سئل الممثل الهندوسي"شاتروغان سينها"، لماذا نراك دائما في أدوار الرجل المسلم؟ أجاب: أطرحوا نفس السؤال على الفنان "أمجد خان"، وهو لماذا دائما يراك الجمهور في دور الهندوسي؟

وذهب المخرج الكبير مانموهان ديساي إلى أبعد من ذلك في فيلم "كولي" للنجم باتشان، الذي يؤدي فيه دور الرجل المسلم أقبال، فبعد أصابة أقبال ودخوله غرفة العمليات يتجمع المسلمون والهندوس والمسيح أمام المستشفى للصلاة والدعاء له كل على طريقته وديانته، إذ ابدع المخرج ديساي في رسم 4 لقطات مفصلة عن كل ديانة لكل منها عنوانا خاصا.