العدد 4553
الجمعة 02 أبريل 2021
banner
الاستشفاء بالقراءة... بعد وفاة أمي
الجمعة 02 أبريل 2021

كتبتُ ذات مرة “اقرأ.. لتُلهي عقلك عن مصائب قلبك”، وكانت هذه كلماتي التي أكررها لنفسي حتى أتناسى حقيقة وفاة أمي المفاجئة والمفجعة عام 2012، وكنت قد دخلت دوامة من الحزن والمزاج السوداوي لأشهر عديدة، والحقيقة أن الحزن دائما ما يجيد التسرب إلى العقل قبل القلب عندما يجد المنافذ المناسبة له، سواء من خلال فكرة سلبية طال أمد بقائها في رأسك أو من خلال الفراغ الذي تعيشه، فتراه يتجاوز خطوط دفاعاتك الضعيفة ويستوطن فيك على حين غفلة حتى يصعب عليك التخلص منه.

في بداية أيام الحداد كنت لا أزال أعاني من هول الصدمة، وبعد انقضاء الحداد كان لابد لي من مواجهة الواقع والعودة إليه سريعا، وهنا كانت المعضلة الكبرى “كيف أعود للعيش في واقع يخلو من وجه أمي؟”.

كان رأسي يحمل فوضى العالم بأسره ولا شيء يصدح فيه سوى جملة “أمي ماتت.. أمي ماتت”، نعم أميرة... أمي ماتت وعلي الآن أن أخرس هذا الصوت اللحوح حتى لا يقودني إلى الجنون، فعدتُ مرة أخرى للقراءة، فبالرغم من أنني أقرأ طوال العام وكل وقت، لكن هذه المرة كانت النية مختلفة جداً، كنت أقرأ لأجد السلام وأهدئ ضجيج أفكاري، ونجحت في ذلك.. كانت الكلمات تمسح برفق على عقلي وتطبطب على قلبي، حتى تصالحتُ أخيراً مع حقيقة فقدان أمي.

القراءة طوق نجاة، هكذا أراها دائماً وأبداً، ومع كل نوبة حزن أصاب بها أنتقي كتابا جيدا من على الرف لأعيد ترتيب نفسي من الداخل وأصطحب الحزن إلى الباب وألقي به بعيدا عني، القراءة صيدلية متكاملة للعلاج الروحي، والحزن يصعب عليه البقاء طويلا في العقل المشغول بالقراءة. لذا.. داوِ حزنك بالقراءة.. فلا جدوى من التفكير بالحزن سوى مزيد من الحزن.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية