+A
A-

بالصور: الشيخة مي: نطمح في وصول "نسيج بني جمرة" للعالمية

أبدع النساجان الشقيقان صالح ومحمد عبدالرضا جعفر في حياكة قطعة من النسيج بمثابة "تحفة بحرينية" في تصاميمها وألوانها، فهذه التحفة لها مناسبة غالية على قلوب أهالي بني جمرة خصوصًا وأهل البحرين عمومًا، ولتكون "هديةً لها خصوصية إبداعية مبهرة" يقدمانها لرئيس هيئة البحرين للثقافة والآثار الشيخة مي بنت محمد آل خليفة في حفل افتتاح مصنع "النسيج".

وبجزيل الثناء، عبرت الشيخة مي في افتتاح مصنع النسيج بقرية بني جمرة عصر الأربعاء 23 ديسمبر 2020، وفي أجواء الاحتفالات بأعياد ديسمبر الوطنية، عن سعادتها في أن يرى مشروع المصنع النور، وهي التي حلمت به كما حلم به أبناء المهنة منذ سنين، لتعبر عن الطموح في أن يصل نسيج بني جمرة إلى العالمية.

مسقط رأس المهنة

وبين أحضان "بني جمرة"، حرص العديد من المسؤولين والمدعوين والمهتمين بالشأن الثقافي والتراثي، بالإضافة إلى ممثلين عن مختلف المؤسسات الاجتماعية في القرية وزوارها، حرصوا على حضور حفل افتتاح المصنع الذي يحمل دلالات كبيرة تجاوز حجمه الهندسي بكثير، فأولى تلك الدلالات هي إعادة أمجاد مهنة تتحدى الاندثار، وثانيها تقدير النساجين الذين أبوا إلا المحافظة على مهنة الأجداد، وبدا المشهد خارج المصنع مبهجًا حيث تجمهر الكثير من أبناء قرية بني جمرة والقرى المجاورة خارجها المصنع احتفاءً بهذا الحدث، فيما تردد إسم المرحوم الحاج عبدالرضا بن جعفر، الذي كان آخر النساجين من الأجداد، ليواصل أنجاله المسيرة، ولذلك، فإن حديث الشيخة مي مع كل من صالح ومحمد إبني المرحوم عبدالرضا، وجها الشكر إلى الشيخة مي على ما بذلته من جهد وحققت الحلم الذي كانا يحلمان به منذ حياة والدهما رحمه الله، وليتحقق اليوم في "مسقط رأس مهنة النسيج.. بني جمرة"، فيما أثنت الشيخة مي على جهود الجميع وإن كان المصنع صغيرًا إلا أنه في موقعه الحالي له دلالات ارتباط تاريخي وتراثي واجتماعي.

صرح تاريخي.. راق

تحقيق الأماني ورد في كلمة الأهالي التي ألقتها الإعلامية منصورة عبدالأمير الجمري ووصفت فيها المصنع بالصرح الراقي في قلب القرية، ليكون مركزاً للترويج لحرفة وصناعة تضرب في جذور التاريخ الوطني لمملكة البحرين، وزادت قولها :"إن ريادتكم للثقافة والتراث وضعت مواقع البحرين الأثرية على سجل التراث العالمي، واصبح اسمكم مقرونًا بهذه النجاحات التي تفخر بها بلادنا الغالية، كما أن افتتاحكم لمصنع النسيج يضع قرية بني جمرة على خارطة البحرين الثقافية، ويؤيد نهجكم في إشراك  المجتمعات المحلية في حفظ التراث من خلال مشروعات حيوية ذات أثر بعيد المدى".

ولأنه إرث جمالي، قالت منصورة :"لقد كان مألوفاً -  حتى سنوات مضت - لكل من يزور قرية بني جمرة، أن يجد بعض الرجال وهم يمارسون المهنة بشغف عاشق يرفض أن يستسلم لحكم الزمن، متشبثين بهذا الإرث الجمالي".

خامة الهيكل المسقوف

وخلال جولة في المصنع، شاهدت الشيخة مي والحضور المرافق التي تم تصميمها بشكل هندسي جميل رغم صغر المساحة، فقد احتوى الهيكل المسقوف على الخامة الرئيسية وهي سعف النخيل، ومساحة لآلة النسج التي يقارب طولها 8 أمتار، بالإضافة إلى مرفق لعرض وبيع منتجات النسيج المتنوعة، وقدم كل من النائب السابق جلال كاظم والشقيقان صالح ومحمد عبدالرضا شرحًا للحضور حول المرافق وكذلك ما يمثله المصنع من أهمية للحفاظ على المهنة في القرية التي كانت تضم في الماضي من السنين قرابة 100 مصنع ولم يتبق منها إلا هذا المصنع.

الصين وإيطاليا ومصر

وأثناء عمله على آلة حياكة النسيج اليدوية بخيوطها الدقيقة وحبالها، شاهد الحضور النساج محمد عبدالرضا وهو يعمل بكل مهارة، وفي حديثها معه، انتهزت مدير عام الثقافة والفنون بهيئة البحرين للثقافة والآثار الشيخة هلا بنت محمد آل خليفة الفرصة لتسأله عن مصدر الخيوط التي يتم استخدامها في الحياكة، فأجاب بالحصول عليها من الصين وإيطاليا ومصر، وحول سؤالها عن إمكانية اختيار الألوان للقطع النسيجية أو القطنية المطلوبة للحياكة، أجاب بإمكانية اختيار الألوان المطلوبة المحددة، وبالتالي حياكتها وفق الألوان والتصميم المطلوب.

ننتظره من سنين

ثمة إطلالة جميلة من الحاج سلمان الجمري الذي تواجد مسرورًا خارج المصنع، وتحدث مازحًا :"كنت أتمنى أدش داخل وأقول كلمة، لكن المكان مليان بضيوفنا الكرام"، إلا أن ثمة عبارة قصيرة عميقة قالها الحاج سلمان البالغ من العمر 72 عامًا، وهي أن أهل البحرين توارثوا حرفة صناعة النسيج في العديد من القرى ومنها "الأم بني جمرة"، وكذلك في مقابة وأبوصيبع والمرخ والدراز ودار كليب وشهركان، لكن القرية الوحيدة التي صمدت فيها الحرفة هي "بني جمرة"، وكان الناس من مختلف مناطق البحرين، بل ومن مختلف دول الخليج، كما كان في الستينيات والسبعينيات وحتى الثمانينيات، لا يختارون الملابس الرجاية من بشوت وغتر وكذلك الألبسة النسوية كالعبايات والأوشحة والأردية إلا من بني جمرة، وفي السابق، كما سمعت من الماضين، أن نساجي بني جمرة كانوا يحيكون أشرعة السفن، وعما سيكون المصنع ذو أهمية في الحفاظ على المهنة قال :"هذا أكيد.. يكفي تشوف فرحة الناس والشيخة مي ما قصرت.. من سنين ننتظر الحدث، وهاهو أمامنا اليوم".