لم يكن الكلام سابقًا لأوانه أو النتائج لم تظهر بشائرها بعد، إلا أن الواقع يتحدث عن نفسه بكل اجتلاء، فسياسة البحرين ومن أول أيام هجمة الجائحة علينا وعلى الكون الرهيب، كانت اللجنة التنسيقية برئاسة ولي العهد رئيس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، تعمل ليلًا ونهارًا في سبيل أن تتقدم مملكة البحرين كل المشاهد، وأن تكون قيادة وحكومة وشعبًا أمام الحدث الكبير وليس ورائه، في مقدمة التعاطي مع الوباء اللعين والتصدي له، وليس في مؤخرة الأحداث بعد أن تتلقى الضربات الموجعة والهزائم المتلاحقة.
لقد تمكنت مملكة البحرين وخلال الأشهر العشرة الماضية من تحقيق أكبر الانتصارات على أشرس وباء أصاب الكرة الأرضية عن بكرة أبيها، وأصبحت الدولة الأولى عالميًا في الفحص الدقيق والتتبع الأدق لمسار فيروس كورونا، تم إجراء أكثر من مليوني مسحة، ولم يزدد أعداد الذين فارقوا الحياة عن 342 شخصًا.
كان الاحتراز الواجب مؤثرًا وحافظًا بعد الله سبحانه وتعالى، وكانت الإجراءات الصارمة للتعامل مع الجائحة وهي في مطلع هجمتها الشرسة أكبر دليل على يقظة اللجنة التنسيقية، وعلى حكمة وحنكة المسؤولين كل في موقعه، بل وعلى إدراك ويقظة المنظومة بأكملها وهي تجري عمليات المسح الشامل من مركز المعارض إلى المجمعات التجارية إلى الشوارع الرئيسة، إلى المدارس والجامعات والبيوت، إذ كان تطبيق مجتمع واعي بمثابة الدليل، والبرهان الذي تمت من خلاله إلى جانب إجراءات متقدمة أخرى تطويق وحصار الفيروس الغامض، بل والكشف عنه في المهد من قبل أن ينتشر، ويتفشى بالمستوى الذي كان عليه في دول عظمى كثيرة أفلت من بين أيديها الزمام، فسقط ما سقط من الضحايا، ولحق ما لحق بها من خسائر بشرية، واقتصادية وغيرهما.
لقد كنا بحجم الجائحة، وكنا على الدرب الطويل واصلين إلى منتهاه بهدوء وروية ومن دون ضجيج، أطلقنا حزمة المحفزات الضرورية للاقتصاد الوطني، فلم يتراجع إلا قليلًا، وتابعنا مسارات التفشي للفيروس في كل مكان بالمملكة بل وتقدمنا عليه ووصلنا قبله لكي نكون مستعدين له بالعدة والعتاد ووسائل المقاومة الميكانيكية الحديثة (كمامات وقفازات وأدوية لتقوية أجهزة المناعة المكتسبة) ومن ثم الالتزام بما أطلقنا عليه في المهد “ثقافة التباعد الاجتماعي”.
صحيح أن الجائحة عطلتنا أو كادت ونحن نواصل تنفيذ استراتيجيات إنمائنا على مختلف المستويات، لكن الصحيح أيضًا أن ثقب الإبرة الذي تمكنا من النفاذ عبره وعبر تقنية “الأون لاين” ساعدتنا على إعادة حركة الحياة والاقتصاد إلى ما كان عليه، لم نضطر للغلق الكامل، بل إلى الغلق المبرمج، لم نلجأ لاستخدام كل أسلحة المقاومة لكننا استخدمنا المتاح بأقل التكاليف وأقل الخسائر، الجامعات مثلًا تعمل بكامل طاقاتها وعنفوانها عن بُعد، تقنية التخاطب عبر الزوم، أو عبر التطبيقات التكنولوجية المحدثة، مواقع العمل في المصارف والوزارات والشركات الكبرى، جميعها أو الكثير منها يعمل عن بُعد، الأمر الذي أدى إلى تحقيق الحصار الأمثل للجائحة، والانتصار عليها في المهد لنصل إلى أقل معدلات الإصابة رغم زيادة معدلات الفحص، ثم ونحن على مقربة من وصول العديد من اللقاحات المؤكدة سوف نستقبل العام الجديد بإذن الله وكلنا أمل في 2021 أفضل، وفي خطوات استباقية لا تقف عند محطة الجائحة فحسب، إنما لتمتد إلى مختلف مناحي الحياة في بلادنا، تعليم، وصحة، وخلافه.
وليس لدينا أدنى شك في أن حكمة وقدرة ولي العهد رئيس الوزراء التي تصدى بها لأشرس جائحة منذ بدء الخليقة لهي قادرة على التجلي مرة أخرى لنتقدم بها الصفوف والمشكلات والقضايا العالقة التي تحيط بالعديد من قطاعات الحياة في بلادنا وعلى رأسها قضايا الجامعات والتعليم العالي تحديدًا، وما خفي لا يخفى على أحد.