+A
A-

نزيف الليرة التركية يضع مدخرات الأتراك وسنوات العمر في خطر

ينتاب مراد سوداش هذه الأيام التوتر والخوف من المستقبل، وهو يرى يوما بعد يوم أن الأموال التي ادخرها من عرق جبينه على مدار سنوات تهبط قيمتها بشكل جنوني.

ومصدر خوف سوداش (48 عاما)  هو انهيار الليرة التركية أمام الدولار في الآونة الأخيرة، وذلك في أوضح علامة على عدم نجاح السياسات الاقتصادية المتبعة.

وعبر العديد من المواطنين الأتراك عن قلقهم البالغ وامتعاضهم من استمرار انهيار قيمة الليرة التركية، وبالتالي فقدان قيمة مدخراتهم، وسط ارتفاع الأسعار وصعود الدولار الصاروخي.

وهوت الليرة التركية، قبل يومن، إلى أسوأ مستوى لها على الإطلاق، أمام الدولار الأميركي، وسط مخاوف من تفاقم الأوضاع المالية في البلاد، والتي أصبحت تلقي بثقلها على كاهل المواطنين الأتراك.

وذكرت وكالة رويترز للأنباء، الثلاثاء الماضي، أن الدولار الأميركي أصبح يساوي 8.19 ليرة تركية، وهذا أسوأ مستوى تحققه الليرة التركية منذ العام 1999.

شكوى من الغلاء

وقال سوداش لسكاي نيوز عربية: إن الأمر محزن للغاية أن نرى هذا الارتفاع بالأسعار، بينما ما لدينا من أموال تفقد قيمتها كل ساعة وليس كل يوم فحسب".

وأكد الرجل الأربعيني أن "ما يدخره من عملة بالليرة التركية كانت تعادل 51 ألف دولار قبل ثلاث سنوات، لكنها الآن باتت تعادل أقل من نصف هذا المبلغ".

كما عبرت عائلته عن قلقها من مستقبل يبدو قاتماً قد يؤثر على نمط حياتهم اليومية، لا سيما مع غياب حلول اقتصادية عملية توقف نزيف الليرة وتعيد لمدخراتهم قيمتها.

وأدت التوترات في العلاقات مع الولايات المتحدة والخلاف مع فرنسا والنزاع مع اليونان على الحقوق البحرية والمعارك في ناغورني كاراباخ إلى إثارة قلق المستثمرين، وهو ما انعكس سلبا على أداء العملة.

وفقدت الليرة التركية 26 بالمئة هذا العام وأكثر من نصف قيمتها منذ نهاية 2017، لتصبح العملة الأسوأ أداءً في الأسواق الناشئة.

تعلق بالأمل

وعلى الرغم من الهبوط الشديد، لا يزال هناك من يعول على دور الحكومة التركية في إعادة الثقة للعملة.

فقد عبر دورسون أكار، عن ثقته بالحكومة التركية في هذا الجانب، قائلاً: "إن الليرة ستعود لتتعافي من جديد، وإن ما يحدث للعملة التركية الآن هو بسبب استهداف أعداء تركيا لاقتصادها" على حد تعبيره.

وأضاف أن "فقدانه لجزء من قيمة مدخراته هو ضريبة استقلال الوطن من التبعية للغرب، وأنه وأسرته مستعدون لبذل مزيد من التضحية".

أما أحمد كاتمارلي كايا، فقد عبر عن استياءه الشديد من استمرار تدهور الليرة وفقدان مدخراته بالليرة قيمتها يوماً بعد يوم، قائلا: "ما باليد حيلة، علينا أن نصبر على أمل أن تتعافى الليرة، وتعود قيمة أموالنا لتعادل شقاء العمر الذي بذلناه في جمعها".

وقال تقرير حديث صادر عن اتحادين تجاريين أن أكثر من 40 في المائة من الأتراك - 34 مليون من سكان 83 مليون - يعيشون تحت خط الفقر أو يعيشون بالقرب منه.

ويسير الاقتصاد التركي في اتجاه هبوطي منذ ما قبل أزمة العملة في 2018.

وعلى الرغم من أن بيرات البيرق ، وزير المالية وصهر أردوغان ، حاول التقليل من أهمية الانهيار ، إلا أن هبوط الليرة زاد من الضغط على معدل التضخم الذي يبلغ 11.75 في المائة سنويًا.

وقد أدى ذلك إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية مثل الطاقة والوقود، حيث تعتمد تركيا إلى حد كبير على الواردات.