تُعدّ عبارة "التحوّل الرقمي" مثالاً نموذجياً على الطريقة التي يرغب بها قطاع التكنولوجيا اعتماد مصطلحات شاملة تُوضح معنى التغيرات الجذرية؛ حيث يُساعد التعميم على جعل المفاهيم المجهولة أكثر ألفة في بعض الأحيان. ومن ناحية أخرى، فإن هذه العبارة تكشف أيضاً عن الكيفية التي قد يضيع معها المعنى، فعلى الرغم من شيوع مفهوم التحوّل الرقمي لسنوات عديدة، إلا أنه ما يزال يُسبب الغموض والقلق في غالب الأحيان. أما الحقيقة الوحيدة التي يُقدمها هذا المفهوم، فهو أنه قد وُجد ليبقى، وأن المؤسسات التي لا تتحوّل رقمياً ستخسر في النهاية. وعلى الرغم من بقاء هذا التحوّل المنشود في أسفل قائمة الأولويات، إلا أن القول بأن الوقت أصبح متأخراً لإجراء التغيير، يبدو بعيداً جداً عن الحقيقة.

وسواءٌ أكانت أعمالك في المقدمة، أم تسير وراء غيرها من الأعمال الرائدة، أم متأخرة عنها، فإن الأوان لم يفت بعد لإجراء التغيير، ولا تزال الجهود المبذولة لتحقيق التحوّل تحظى بالأهمية. وقد يفترض الناس خطأً أن التحوّل الرقمي هو مفهوم هائل يحتاجون إليه لإطلاق العنان أمام تغيير أعمالهم. والأمر في الواقع ليس كذلك؛ حيث يمكن للتحوّل الرقمي أن يبدأ مقتصراً على اختيار وأتمتة مفهوم بسيط فقط. وفيما يلي يشرح لنا منصور سروار ، المدير الإقليمي لشركة سايج الشرق الأوسط  كيف يكون التحول الرقمي ناجحاً:

التحول الرقمي

يُعبّر التحول الرقمي عن الكيفية التي يمكن للشركات أن تستفيد عبرها من التقنيات الرقمية لتصبح أصغر حجماً، وأكثر حداثة ومرونة، وتحقق نموها بسرعة. وليس بالضرورة أن تكون هذه العملية معقدة. وعلى سبيل المثال، تعتبر أتمتة المهام الروتينية في مؤسسة نموذجاً عن التحوّل الرقمي في العمل. وبغض النظر عن طريقة التطبيق، لا يمكن للتحوّل الرقمي أن يكون مجرد فكرة ثانوية تضمن بقاء الأعمال، فهو يقدم لنا طرقاً جديدة لإنجاز المهام وحلّ المشكلات، بما يعني إنجاز تحوّل في المفاهيم. كما يتطلب ذلك التحوّل وضع استراتيجية شاملة تضمن عدم تحوّل مكاسبه إلى مزايا منعزلة عن بعضها، وهي تسعى بجهد لإحداث تأثير على الأعمال، في ظل عقلية تفضل الابتعاد عن التطوير ما دامت الأعمال تجري على ما يرام.

والمهم دائماً هو أن يبقى تركيزك موجهاً نحو هدفك النهائي، وعليك أن تتذكر النتيجة التي تسعى لتحقيقها عبر هذه الاستراتيجية الرقمية في نهاية المطاف. أما كيف يمكن لأتمتة المهام الروتينية أن تنسجم مع الرؤية البعيدة لنشاطك التجاري، فهنا قد تكمن مشكلة الغالبية من طموحات التحول الرقمي. ولكن هذا يعيدنا إلى النقطة السابقة؛ حيث أن هذه التغييرات ليست مجرد تحسينات خارجية، بل هي تعديلات أساسية ضمن آلية سير الأعمال، وستسهم في تغيير الكيفية التي ينجز بها الناس مهامهم، وتوضح أسلوب قيامهم بالمزيد. ومثل هذه التغييرات العميقة ستحدث اضطرابات، وتستدعي الالتزام بالامتثال على المستوى المؤسسي إذا أردنا لها النجاح. في الماضي، كان تقييم أدائك يتم بناءً على عدد المكالمات التي تجريها. أما الآن، فينبغي على الشركات قياس التجربة الرقمية على الأنظمة الأساسية التي يستخدمها العملاء.

الأعمال والاستجابة الأسرع تُحسّن رضا العملاء

سواء أكنت تعمل على تغيير المهام الروتينية، أو إعادة تشكيل أقسام كاملة في مؤسستك، فهناك أمر واحد لا مفر منه، وهو أن وتيرة الأعمال ستتسارع، وبشكل خاص من حيث استجابتها للمشكلات. وينبغي للبنية التحتية في شركتك أن تكون قادرة على الاستفادة من هذا التسارع. وتشمل الأمثلة على ذلك استجابة أسرع لاستفسارات العملاء وبالتالي تحسين مستويات الرضا لديهم. كما يجب على هذه البنية أن ترسخ مفهوم التجربة المؤسسية. وفي هذا العالم الجديد، يجب عليك ألا تخشى ارتكاب الأخطاء، والأمر المهم يتمثل في السرعة التي يمكن بها تغيير اتجاه العمل، أو زخمه للحصول على النتيجة المطلوبة.

تطوير انسيابية الأعمال يتطلب استراتيجية شاملة

ينبغي على التكنولوجيا أن تتداخل مع استراتيجية العمل بصورة ملائمة، وتقع هذه المهمة على على عاتق الرئيس التنفيذي، إلا أن باقي أعضاء الإدارة التنفيذية يحظون بدور حاسم في تسهيل التحوّل الرقمي. وعلى مديري تكنولوجيا المعلومات تجنب اعتبار إطلاق التكنولوجيا نتيجة لجهودهم، فهي مجرد أداة لتسهيل رضا العملاء. و في الواقع، فإن هذا الرضا هو الهدف الرئيسي لأعمالهم. كما ينبغي على مديري الشؤون المالية الانضمام إلى خطوط الأعمال الأمامية، وتقديم دعم استباقي بصورة أكبر لأصحاب المصلحة المختلفين. وفي كل موقف، هناك دور يجب عليهم أن يسهموا به.

وبغض النظر عن قطاع الأعمال الذي ننظر إليه، فإن  التحوّل الرقمي أمر لا مفر منه. وينبغي عليك التمهل، وتقييم النتيجة النهائية. وتذكر أيضاً أن لست بحاجة لأداء قفزة هائلة، وكل ما تحتاج إليه ببساطة هو معرفة الصورة الشاملة، فالتحوّل الرقمي يمكن أن يبدأ في أي مكان، وفي أي وقت تقريباً.

وفي المحصلة، فإن الأوان لم يفت بعد لبدء رحلة التحوّل الرقمي، فلا تدع مقاومة التغيير تصيبيك بالإحباط. وإذا كنت تسعى نحو تحقيق نتيجة محددة، يمكنك البدء باتخاذ خطوات صغيرة والبناء عليها، فذلك في نهاية المطاف، هو ما يجعل رحلة التحول الرقمي فريدة من نوعها.​