العدد 4264
الأربعاء 17 يونيو 2020
banner
وَخْـزَةُ حُب د. زهرة حرم
د. زهرة حرم
صيف بلا سفر!
الأربعاء 17 يونيو 2020

ها هو الصيف حلّ، وسبقه هذه المرة إعصار كورونا، الذي أكل الأخضر واليابس من مُتع هذه الحياة، طوال فترة الشتاء، ونزل كرزيّة كان أبرز صورها المُبكرة: منع السفر! في قرار دولي سيادي حظر على الأفراد كل أنواع السفر: برًا، وبحرًا، وجوًّا، في الوقت الذي تعالت فيه الأصوات الرسمية، بالتزام المنازل، وعدم الخروج منها، إلا للضرورة.

قرارات تصب في الصالح العام ولا ريب في ذلك؛ غير أنها تضافرت جميعها؛ لتُحكم السياج على كثير من الأفراد الذين اعتادوا التنقل، والسفر المتكرر، أو على الأقل، من كانوا يجدون فيه؛ تسلية، وتغييرًا، أو حتى هواية؛ تخرجهم من المألوف والروتين الحياتي، إلى الجديد الذي يستشعرون من خلاله تجديدًا لطاقاتهم التي أثقلتها متاعب الحياة.

مَن يُتابع أخبار السفر فترة هذه الجائحة أو توقعات ما بعدها؛ يجد أنها تُركز على الإجراءات الوقائية المكثفة، وهي في مُجملها إجراءات طويلة، وتعليمات مُعقدة نسبيًا، تبدأ مع قرار الفرد بالسفر، ولا تكاد تنتهي بسهولة مع قرار العودة! وكأن السفر رحلة مغامرة، بل مخاطرة، محفوفة بالمفاجآت!

يبدو أن “السفر” في طريقه لخسارة بريقه، وفقدان معانيه الجميلة؛ فبدلًا من أن يكون ترويحًا؛ يصبح تضييقًا! بدلا من أن يكون تخفيفًا؛ يصبح عبئًا، بل نافذة تأخذنا إلى المجهول! وعلى الرغم من إصرار شركات النقل والسفريات أو الطيران على التزام معايير السلامة كافة، بكل حيثياتها وجزئياتها؛ ما إن يُفتح المجال للسفر؛ فإن مجرد التفكير بالسفر؛ سيحتاج إلى تخطيط مرير، وتدبيرِ فردٍ قادرٍ مُحَنّكٍ وحكيم.

هذا الصيف الذي يُلزمك منزلك، من الحريّ به، والطبيعي جدًا؛ أن يكون بلا سفر، وأيًّا يكن الضيق أو الانزعاج؛ إنه لا يساوي ما قد تتجشمه من عناء، لو تخيلتَ – مجرد التخيل – أنه مسموح لك أن تَسيح في البلدان، كيفما تشاء، على أن تتحمل المسؤولية كاملة، وأنت تتوجس من كل شيء حولك: المطار مثلا، والطائرة، ثم التاكسي، والفندق، وقس عليها تحركاتك كلها، هل تخيلت؟ لا شك أن البيت راحة بال، والوطن دوحة أمان. صيف بلا سفر، ولا صيف مع خطر!

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية