العدد 4248
الإثنين 01 يونيو 2020
banner
مواقف إدارية أحمد البحر
أحمد البحر
التواصل عندما يكون غامضًا
الإثنين 01 يونيو 2020

دعانا المدير إلى اجتماع وصفه ’بالمهم‘ جدًّا و’الاستثنائي‘ ووضع عددًا من الخطوط تحت عبارة ’الاستثنائي‘. استخدام المدير لتلك العبارات جعل بعضنا يعيش حالة من فقدان التوازن والبعض الآخر يلبس رداء التشاؤم، وقلة منا جلس يحلل ويضع الفرضيات والسيناريوهات لموضوع هذا  الاجتماع غير العادي كما يبدو ويضع تصورًا للحلول أو يعد ردًّا لكل فرضية في محاولة استباقية للتعامل مع ذاك الحدث الغامض والمجهول الذي يحمله المدير لها.

بدأ الاجتماع في جو كئيب غير عادي فالغالبية كانت تترقب وبهاجس الخائف القلق ما سيتفوه به المدير وما سيأتي به من قرارات ربما تغلق المسارات الوظيفية للبعض أو بلاغ عن استبدال أعضاء الإدارة التنفيذية الحاليين بطاقم مستورد كما كانت الإشاعات تروج لها حينذاك أو إلغاء تواجد الإدارة من الهيكل التنظيمي للمؤسسة وهذا، إن حدث، هو إعلان لنا بالبدء في البحث عن فرص توظيف أخرى أو.. أو.. جميعنا كنا في قلق وننتظر الأسوأ.

أذكر أحد الزملاء أسرّ في أذني قائلاً: الله يستر، يبدو أن الخطب عظيم وهذا واضح على ملامح المدير. وما هي إلا لحظات حتى بدأ المدير يرفع الستار عن موضوع ذلك الاجتماع المهم جدًّا والاستثنائي قائلاً وبنبرة درامية: أود إبلاغكم بأن الإدارة التنفيذية قررت وانطلاقًا من مبدأ الاستغلال الأمثل للتكنولوجيا قررت مكننة الملفات وستكون إدارتنا هي الأولى في تنفيذ هذا القرار.

أعرف ان القرار صعب ولكن هذه هي الأوامر.

خيّم الصمت على الجميع وتعطلت لغة الكلام وبدأت العيون تنقل الرسائل بين الحضور. هل يستحق هذا الموضوع كل هذه الدراما؟ اجتماع ’’مهم جدًّا‘‘ واستثنائي وتحتها خطوط ومتابعة مستمرة من السكرتيرة للتذكير بهذا الاجتماع وعدم التغيب ونبرة الصوت في توصيل هذه الرسائل و.. و.. صحيح أن عملية المكننة للملفات لم تكن منتشرة في المؤسسات بشكل واسع في تلك الأيام ولكنها لم تكن تستحق كل هذا التهويل وكان يجب أن يذكر الهدف من الاجتماع أو موضوعه لكي يصبح الجميع على بينة والإعداد له ولا يجعلنا نعيش ذلك القلق غير المبرر.

إنها تبعات أسلوب التواصل الغامض الذي يقول عنه عالم الإدارة شيف خيرا وهو يخاطب القادة الإداريين: اجعل أسلوب تواصلك مع الآخريين (وخاصة المرؤوسين) يتسم بالوضوح والثقة. ما رأيك سيدي القارئ؟.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .