إن مرحلة الأربعينات والخمسينات تعتبر بجدارة الفترة الزمنية التي وضعت الأسس التمهيدية لانطلاق وتطور عمليات الإحصاءات السكانية في مملكة البحرين، والتي لحقتها مراحل تحديث ونمو شهدتها التعدادات بمفهومها الأوسع في فترة الستينات والسبعينات، مروراً بالثمانينات والتسعينيات، وصولاً للألفية الحالية.
في عام 1959م، أجرت البحرين تعدادها الثالث، في سلسلة تعداداتها التي انطلقت قبل ثمانية عشر عاماً، بتنفيذ أول إحصاءين سكانيين حديثين في البحرين ومنطقة الخليج العربي في 1941م، و1950م. نفذ التعداد الثالث، في 28 يوماً، من 2-30 مايو 1959م - مقارنة بيوم واحد في التعدادين السابقين، وتميز هذا التعداد باحتوائه بيانات تفصيلية أكثر وأعم وأكثر دقة، مستفيداً من التجربة التراكمية في مجال التعدادات، إضافة إلى دعم شركة نفط البحرين “بابكو” في تنسيق المعلومات المستقاة من استمارات التعداد، ما يسر عملية إنجاز البيانات النهائية، كما تغير نظام العد ليشمل جميع الأفراد المقيمين في البيت منذ ستة أشهر حتى إن كانوا مسافرين أثناء العد.
تميز التعداد الثالث بزيادة عدد جنسيات المقيمين إلى 14 جنسية في 19 تصنيفا، بدلاً من اقتصارها على جنسيتين فقط في التعدادات السابقة “الهنود والإيرانيون”، وتمت إضافة، الجنسيات التالية: الباكستانية والسعودية والعمانية واليمنية والعراقية والأردنية والمصرية واللبنانية وغيرها، والأميركية والبريطانية وغيرها. كما تميز هذا التعداد بشموله، ولأول مرة، جداول عن الجنس “الجندر”، والحالة الزوجية، والتركيب العمري، والحالة الاقتصادية والمهنية والصناعية للسكان.
وشهد إجمالي عدد سكان البحرين في التعداد الثالث زيادة بنسبة 60 % تقريباً، منذ التعداد الأول قبل 18 عاماً، ليصل لحوالي 143 ألف نسمة، كان نصيب البحرينيين 83 %، أي قرابة 119 ألفا، و17 % للمقيمين، أي 24 ألفا. استحوذ الأشقاء العمانيون على نصيب الأسد من مجموع المقيمين بعدد 7314 أو بنسبة 30 %، وعدد باقي العرب 3233 بنسبة 13.4 %، ولأول مرة تكون حصة البريطانيين 10 % بعدد 2514، والباكستانيين 9.4 % بعدد 3283، في حين لم يتعد عدد الأميركان 151 نسمة أو 0.6 % فقط.
وعكست أرقام التعداد الثالث للبحرين النمو الاقتصادي عموماً والنفطي خصوصاً، مع نهاية عقد الخمسينات، من خلال تسليط الضوء على نمو مجموع عدد السكان، حيث لامس النمو الثلثين خلال ثمانية عشر عاماً، وأكدته بيانات مجموع الإيرادات الفعلية للدولة، بتسجيلها ارتفاعاً بأكثر من 16 ضعفاً، خلال الفترة من 1941م - 1959م، ليتجاوز سبعة ملايين دينار، كان نصيب الإيرادات النفطية زهاء 70 %.