في كرة القدم، تستطيع متابعة مباراة دون أن تنحاز إلى طرف، يكفي أن تشاهد جمالية اللعب ومهارة اللاعبين والأهداف. أما في السياسة، فأنت عاجز عن الحياد في الكثير من الأحيان!
وتعد المتعة في الرياضة بشكل عام عامل الجذب الأول للمتابعين والأنصار، فأنت مستعد للتسمر أمام التلفاز لمتابعة المباراة حتى وإن كانت تجمع بين جزر القمر والمالديف، رغم علمك المسبق أن النتيجة النهائية لن تؤثر عليك لا من بعيد ولا من قريب.
ولكن الوضع مختلف في المباريات السياسية، حيث ستكون على الدوام مسكونا بالهواجس والأحاسيس التي ستقودك في نهاية المطاف إلى الاصطفاف في خندق دولة أو تحالف؛ لأنك مدرك أن التداعيات والنتائج ستنعكس على حياتك بشكل أو بآخر، فالمصالح هي من تحكم السياسة.
ولعل ما يحدث اليوم من تصعيد كبير بين أميركا والصين وتقاذفهما الاتهامات بسبب جائحة الكورونا يدعونا إلى الشعور بأن المباراة بين هاتين الدولتين من شأنها أن تغير ملامح العالم برمته، وما استمرار التراشق بينهما حول المسؤولية عن انتشار الوباء إلا مقدمة لتصادم يبدو وشيك كما يتنبأ المراقبون.
والمؤسف أن الرياضة، توقفت كليا بسبب الإجراءات الاحترازية لمكافحة الكورونا، وبقيت السياسة هي الملعب الوحيد الذي يتصدر المشهد، فيما بقينا عالقين بين فكي كماشة دول عملاقة تبحث عن مصالحها وتركلنا مثل ما تركل الكرة في المستطيل الأخضر.
وهنا، يتوجب أن يتشكل لدينا إدراك كامل بأهمية أن نكون على قدر كبير من الوعي، بأن ما يحدث لنا من هموم ومشاكل ما هو إلا نتيجة للهجمات المرتدة والمنسقة التي تقوم بها هاتان الدولتان، فترتد علينا النتائج السلبية فيما يجنون هم المكاسب والنتائج الإيجابية.
وإزاء هذه العبثية والفوضى المثيرة للاشمئزاز، لا نملك إلا الدعاء إلى قادتنا في دول مجلس التعاون بأن يسدد الله خطاهم، ويلهمهم القوة والإرادة والتوفيق في قيادة بلداننا إلى بر الأمان في عالم تبدو أمواجه متلاطمة وهائجة.
وحتى يكشف الله هذه الغمة، نتمنى أن ينعم العالم بالسلام والأمان، فالقلق يسيطر على الناس، ورغم هذه الضبابية علينا أن نتمسك بالأمل والإيمان في أن التحديات الكبيرة تحمل في جعبتها أيضا فرصا كبيرة يتوجب استغلالها واقتناصها دون تردد.. والله الحافظ والموفق.