العدد 4166
الأربعاء 11 مارس 2020
banner
رائد البصري
رائد البصري
فن إدارة الأزمات
الأربعاء 11 مارس 2020

 تابعت عن طريق قنوات التواصل الاجتماعي محاضرة “فن إدارة الأزمات” للدكتور أحمد بوزبر، من دولة الكويت الشقيقة، حيث استهل حديثه وبطريقة تدريبية موضحًا أن أية مشكلة تتحول إلى أزمة، إذا تكرر حدوثها، واتسعت رقعتها، وتنوعت شرائح، وتفاقمت حجمًا، وتقاربت زمنًا، واستعصت على الحلول النمطية. ويرى الناس الأزمة عادة على أنها حدث مفاجئ، يتفاعل بسرعة، يخرج عن السيطرة المعتادة و يهدد المصالح الجوهرية للبلاد.


السؤال الذي طرحه بوزبر هو: هل إدارة الأزمات علم يُدرّس؟ أم فن يُكتَسب؟.. أم هو أمر متداخل بين العلم والفن؟.


وقد شبّه بوزبر الأزمة بدورة حياة الإنسان، تُولد، ثم تنمو حتى تصل إلى ذروتها، لتبدأ بعدها أما بالتفاقم أو بالانحسار، تمهيدا للاندثار والتلاشي، مؤكدًا أن الاستعداد المنظم لما قبل الأزمة يتمثل في: وجود مجسمات استشرافية تعمل كنماذج محاكاة للواقع ويتمكن من خلالها المسؤولون من تبني خطط استراتيجية للمستقبل مع سرعة تكوين فريق خاص لإدارة الأزمة.


أما فيما يتعلق بالاستعداد أثناء الأزمة فقد أكد المحاضر على أهمية تواجد واضح للقيادة، وتوفير عناصر بشرية كفوءة، مع مرونة وانسيابية في القوانين، وسهولة في تخصيص الأموال اللازمة لمواجهة الأزمة.

يوافق ذلك بالطبع انسياب في خطوط الاتصال، مع توافر إعلام رشيد شفاف سابق ومتوازن. ويتوج ذاك كله بأن يتم التعامل مع المواطن على أنه جزء من الحل، لا جزء من المشكلة.


وطرح المحاضر سؤالاً مهما حول مؤشرات بدء تجاوز الأزمة، والتي تتمثل في ثبات تدفق الأحداث، وعدم تصدرها المشهد، وانحسار التداعيات المصاحبة لها، وتقليص شحنات النقد العام لقيادات ومسؤولي الأزمة.


لكن كيف يمكن أن تكون الاستعدادات المنظمة لما بعد الأزمة؟ هنا أكد بوزبر على ضرورة الاتعاظ مما حدث، وإنشاء فرق متابعة لآثار الأزمة، ووضع استراتيجية تضمن عدم التكرار، مع الاستعداد لمحاسبة المقصرين من جانب، ومكافأة المنفذين من جانب آخر.


إن أهم ما طرح في المحاضرة من أفكار أن المشاركين فيها قد ركزوا على “الزوايا الإيجابية” التي أفرزتها أو تفرزها أي أزمة (مثل كورونا)، وكيفية التحول من المحنة إلى المنحة، على سبيل المثال لم شمل الأسر في المنازل بعد توقف الفعاليات والمناسبات، و التعليم والتدريب عن بعد إلكترونيا، والعمل من المنزل، وإقامة الفعاليات ومناسبات عبر الواقع الافتراضي، وزيادة في وتيرة النظافة الشخصية من شراء معقمات وخلافه. وأيضا انسياب الحركة المرورية لعدم وجود الازدحامات، مع زيادة في حجم التكاتف في المجتمع كنتيجة إيجابية للأزمة، وبروز ثقافة التطوع بشكل بارز في الكوادر الطبية.


وتطابقا مع كل ما سبق وتداعياته العالمية جاء التعاطي السريع للقيادة الرشيدة مع الأزمة. ويعول الجميع على وعي المواطن البحريني في الأزمات للوقوف صفا واحد مع الأجهزة الرسمية المختصة وأصحاب الفضيلة العلماء والشباب من المتطوعين الغيورين لمكافحة انتشار الفيروس مع تمنياتنا للمصابين بالشفاء العاجل والعودة الحميدة لمن في الخارج.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .