على قارعة الطريق ثمة أفئدة مصابة بالخيبة من بعض الوزراء، بعض يلتحف الخبز ليأكلَ أطرافه، بعض يحمل حقيبته بحثا عن بصيص أمل على خارطة كونية بلا خرائط، آخر يصطاد آخر، أكسجين متبقٍ في سوق اقتصادية تختنق من ثاني أكسيد الفساد. والسؤال من سيكون منقذ الاقتصاد البحريني والمضحي الأسطوري كما هو منقذ اليونان في العصر القديم، ما سمي بـ (سارق النار المقدسة”، الشعلة التي اختطفها بروميثيوس لإنقاذ المدينة كما هي أسطورة التضحية في المخيلة اليونانية للأساطير؟ أم ستكون المرحلة مرحلة صخرة (سيزيف) الذي يهدف إلى إيصال الصخرة لقمة جبل الاقتصاد؟
عهد الولي هو ولي العهد الذي تطابق ثقافته ثقافة الأب الإصلاحي، الذي سبق المنطقة بالإصلاح، حمد بن عيسى، القائد الذي قاد اتقاد الموقد في القَد والمَقَد. فهذا القناص هو من ذات (نسرية) العين في الحاكم الفاتح، وذات فراسة الأب في الحكم الرشيد. إنه يحمل وهج جمال الموقع، وسحر الإيقاع، وسلاسة الروي، وإيقاع عزف الأصابع على بيانو الاقتصاد. عقلية ليبرالية على مسافة واحدة من كل البحرين، عوائل، وطوائف وتوجهات بثقافة ابن عربي:
لقدْ صارَ قلبي قابلًا كلَّ صورةٍ
فمَرْعًى لغِزْلاَنٍ وديرٌ لرُهْبانِ
أدينُ بدينِ الحبِّ أنَّـى توجَّهـتْ
رَكائِبُـهُ فالحُـبُّ ديني وإيماني
تجده في المسجد حاضرا، وفي المأتم معزيا، وعلى منصة الاقتصاد محاضرا، كل ما يحتاجه فريق متكامل من كوكتيل بشري إبداعي ليكمل الدور، ويصنع الاقتصاد كـ ( لي كوان يو ) صانع معجزة الاقتصاد السنغافوري، أو أسطورة إصلاح الاقتصاد الهندي (مانموهان سينغ” أو بطل اقتصاد كوريا الجنوبية بارك تشونج هي. يمتلك سموه نطقًا عربيا فصيحا كجذر عربي تأصيلي مع لغة تستجمع مذاق التخاطب الجريء مع ( الإفرنجية ) الأوربية والأمريكية بلكنة يعجز عن الوصول إليها حتى أصحاب اللغة الأم، وهي دليل آخر على ذكاء الاصطياد للإبداع في الشرع والمشروع والشراع، وفي ذات الواقع يمتد مع جذور الهوية الوجودية لذات الأرض متماسكة طولًا بوسطية الأيديولوجيا. لا هو بسارتر في توجه، ولا هو بـ (. Bertrand Russell ) في مذاق ليبراليته، ولا بجلال الدين الرومي في طريقته، هو خليط بين نكهة فلسفة الماضي، بين الوجودية والأبدية، بين واقعية الجذور، وحداثة ما بعد الحداثة على طريقة مشيل فوكو أو دريدا. يبحث في الاقتصاد ممنهجا يستهدف كل النظريات المتكدسة في صندوق الاقتصاد العالمي من آدم سميث، أو جون ناش، أو جون ماينارد كينز إلى ميلتون فريدمان وديفيد ريكاردو. الخيار الوطني الملح هو أن نقف معه يدا بيد في تعميق الإصلاح والصلح والتصليح سواء في رؤية البحرين الاقتصادية 2030 أو إستراتيجياته طويلة الأمد من تحرير الاتصالات، أو إصلاح سوق العمل، أو إصلاح التعليم، أو في برنامج ولي العهد للمنح الدراسية العالمية أو تنظيم القطاع الصحي، بأن نصنع اقتصادًا لا يضعف التاجر ولا يهمل الفقير.
وبين نبض المشروع ونبض المواطن والتاجر ثمة فرحة حبلى بالأمل أن يكون سمو ولي العهد المنقذ لتعديل أوضاع السوق والاقتصاد، وعودة النبض نبضات لتكون ومضات في واقع يحتاج الضمانات والضمادات سواء في إرجاع تعريفة الكهرباء أو في بحرنة الأسواق والقطاعات أو في إنقاذ ما يمكن إنقاذه في القطاع التجاري والعقاري والمالي أو حل البطالة بطرق جديدة بعيدة عن أرقام وزارة العمل. أقول: كما هي بصمات سموه في السياسة والاقتصاد والعلائق المجتمعية باقية ومستمرة، ستستمر تحمل السِفر والسَفر والإسفار لسفور الأمل على ناصية السمر والتسامر، رماية صيد، ورياضة بحر، ولكن هذه المرة في صيد السياسة ورماية الاقتصاد وبحر الاجتماع. ذاك هو أبو عيسى، خلاصة بين سمو الأب وعلو الابن، الرجاء والمرجو والمرتجى.