قليلون جدا من يعون هذا المصطلح، فالاختلاف معك لا يفسد للود قضية، ولا يقلل من احترامي لك ولا يعني أنك أصبحت عدوي، نحن فقط مختلفان أو غير منسجمين، وهو أمر وارد وصحي فلا أعلم أين الإشكال في أن نمشي في خطين متوازيين لا يلتقيان أبدا، لكن الواضح أن البعض لا يقبل أن تكون مختلفا عنه، أو ألا تحبذ مجاراته، فإن أعلنت امتعاضك من تصرف ما، قرر أن يشن عليك هجمة شرسة مستخدما كل أسلحة التشويه، ومتفننا وبارعا في وصفك بأبشع الصفات التي أصبحت فجأة لصيقة بك فقط لأنك لست على هواه أو بالعامي أصبح (ما يدانيك)!
في كثير من الأحوال أبقى في صراع نفسي كبير بين القيم والمبادئ التي تربيت عليها وبين ما ألامسه في واقع حياتنا اليومي، فقد تعلمت أن أذكر غيري بأدب واحترام عن ظهر غيب، حتى إن كنا على غير وفاق، فطيب الكلمة يجب أن يكون دوما حاضرا، وإن اختلفت مع إحدهم لموقف ما أو تصرف ما، لكن يبدو أن قيم أمي أصبحت بالية! فالهمز واللمز والوصف المبالغ فيه وإلصاق التهم بالآخرين أصبح موضة! الكل له الحق أن يصنف ويوسم الآخرين بما يحلو له طالما أنه على خلاف معهم!
حتى الآراء المهنية أصبح الكل بها حكيما والكل يبدي رأيه، وأستعجب صراحة من هذا الحال الذي وصلنا إليه، فأنا أتجنب إبداء الرأي في أي عمل أو شخص، ببساطة شديدة لأنني لست كاملة والأبسط من ذلك لأنني قد أكون غير ملمة بإنجازات الشخص رغم معرفتي به، فأنا لست لجنة تحكيم حتى أدلي برأيي في أي موضوع يخص أيا كان.
ومضة: تحدثت سابقا عن الكلمة الطيبة وأثرها ومفعولها على النفس ومازلت أتمنى من الجميع أن يبدأ كلامه عن الآخر بالكلمة الطيبة لأنها من شيم المروءة، ولعلك عزيزي ستفاجأ بأن كثيرا ممن أمدحهم وأثني عليهم قد لا أكون على وفاق تام معهم أو حتى أنني لم ألقهم في حياتي سوى مرة أو مرتين! ماذا سيحدث إن أصبحنا أكثر لباقة في حديثنا أو اعتذرنا عن إبداء رأينا في من نختلف معهم، خصوصا إن كانوا قد تركوا جرحا غائرا ألزمنا الصمت بدلا من كثرة التذمر والعويل والذم.