العدد 4062
الخميس 28 نوفمبر 2019
banner
قهوة الصباح سيد ضياء الموسوي
سيد ضياء الموسوي
جلالة الملك السيرة والمسرة والمسار
الخميس 28 نوفمبر 2019

كان يبحر بمجاديف من أمل، وبقارب من ألم، موسيقاه موج البحر، وشباكه الشراع، وشطآنه هدوء روح ولملمة فكر قبل هبوب الإعصار. سراجه بالليل القمر، عينه نحو الشمس، وقلبه نجم يبحث عن اصطياد كوكب. هبط ذات ليلة من قلب العاصفة ليعيد إنتاج الجزيرة وهو يضع الجرح على الجرح والألم على الألم؛ ليبني دارا كانت مغلقة النوافذ، تخاف الأكسجين وتخشى من تسلل الجمال، أو اختراق الحب. وضع الميثاق، ليوثق الوثاق، وزع السفن في المنافي لرجوع الأبناء المغتربين، أقسم بالحرية، ورمم القلعة بالشفافية، أسس البرلمان طوبة طوبة، ومجالس البلديات والنقابات. الوحيد في المنطقة من شرع ديوان لمراقبة الفساد، وبتقرير سنوي قيم كي يبقى أكثر كمالا، يحتاج فقط هذا الديوان لتطبيق صلاحياته التي منحت له لمحاسبة المخالفين. قائد شفاف كقطعة كرستال، ليس عنده ما يخفيه، فتح أبواب البحرين مشرعة في كل المنعطفات، وجاء حتى باللجان الدولية كصك يدلل على شغفه للحقيقة. لم يخدمه الزمن كثيرا بسبب توحم وغيرة الإقليم على مدينته، ورغم ذلك خرج ناقدًا ومنقذًا. دعم المرأة بالمجلس الأعلى، وبقانون الأسرة الذي اكتشف الجميع في النهاية أن القانون ينصف الأسرة بعدالة الحقوق الأسرية، وأن كل الحجارة التي ألقيت على نافذة القانون كانت مخطئة. لم يستثن اليتامي، فكانت المؤسسة الخيرية الملكية. وأضاف للإنجازات إنجازات إسكانية ومشروع البيوت الآيلة للسقوط وغيرها. كانت الرؤية واضحة والطموح يحمل كبرياءه، والمستقبل تستهويه البذور، وكل شجرة يغويها ماء متدفق من يده، وشمس تطل من جبهته، فلولا حرق المراحل والتشكيك والعراقيل لأصبحنا اليوم رغم وفرة الإنجازات أكثر إنجازا وإبداعا. وكي يحقق أي قائد طموحه السحري يحتاج للذين يتجاوزون الآيديولوجيات والأطر الضيقة من الجميع، فلا المسؤول الفاسد يخدم الوطن، ولا المعارض المتطرف يصنع بلدًا. نحتاج الاعتدال والوسطية، ونريد إنسان الثقافة لنصنع ثقافة الإنسان. فريق عمل متكامل يحمل الأفق، ويفقه منطق التغيير؛ ذاك كي تمشي العربة، وتتعبد الطريق، ويبسم منعطف، ويترنح زقاق، وتتغير زوايا، فتنام خريطة هادئة على خاصرتها جبل ساهر. ابتدأ مهندس التغيير السنغافوري، لي كوان يو كانطلاقة حقيقية في 1965، واصطف معه الجميع لبناء المشروع القومي، من شعبه الهنود والمالاويين والصينيين، متجاوزين خلافاتهم المذهبية واللغوية. وقف معه كل فرد، الوزير والتاجر والمعارض والبقال في صناعة الجزيرة الجديدة. في الصين وضع البعض العصي في عجلة مهندس الإصلاح الصيني في نهاية السبعينات (دينغ شياو بينغ) عندما أراد تغيير هيكلة الاقتصاد الصيني وتحدى الإعصار. وها هو الاقتصاد الصيني يتربع على عرش الاقتصاد العالمي، وقريبا يزيح أمريكا. في الهند وتحديدا ١٩٩١ كانت الدولة على طريق الإفلاس، وكان عندها من الاحتياط المالي أقل من مليار دولار لشعب تعداده أكثر من مليار نسمه يوجد فيه 450 مليون فرد تحت خط الفقر. كانت الهند مصابة بجلطات قاتلة سياسيا واقتصاديا، وبتوفيق من الله جاء المصلح الاقتصادي الهندي مانموهان سينغ، وزير المالية الهندي في حكومة ناراسيما راو (1991 - 1996) ليحول الهند إلى معجزة القرن حتى أصبح الاقتصاد الهندي اليوم سابع أقوى اقتصاد في العالم. وقف كل الفرقاء معه من معارضة ووزراء وجماهير. وكذلك الأمر في كل بلد حقق معجزاته ووصل الى الإصلاح من مهاتير محمد في ماليزيا، وفي اليابان كانت النهضة على يد الإمبراطور موتسوهيتو. أما كوريا الجنوبية، فكان مهندس تغييرها هو (بارك تشونج هي) الذي قادها من الفقر إلى المعجزة .هولاء الإصلاحيون شقوا طريقهم وفق رؤية واضحة دون عراقيل، ودون خناجر إعلام تحاول ضرب مشاريعهم أو استنزاف بلدانهم برفع السقوف القاتلة، ودون أن تكون هناك دول أو سفارات تحاول صناعة الأزمات السياسية لذلك وصلوا سريعا. فيتنام في الطريق وأثيوبيا كذلك، لهذا دعونا نواصل المشروع الاصلاحي مع قائد، قلبه يتسع للجميع، تسكنه الحكمة ويستهويه توزيع الفرح المطرز بالإنجاز. كل الذين وقفوا ضد المشروع الإصلاحي من دول الجوار بدأت جماهيرهم تشهد حجم كوارثهم السياسية والاقتصادية المغطاة بترياق الدين المسيس من إيران ولبنان والعراق، في الوقت الذي نجد فيه جلالة الملك مازال مشغولا بالمشاريع، يفتتح المشاريع الإنمائية، وليس آخرها خط الصهر السادس للتوسعة بشركة ألمنيوم البحرين (ألبا). مازلت أراهن على شعار أن أجمل الأيام يوم لم يأت بعد، وكي نسرع من وتيرة الوصف والعصف فالعطف، نحن بحاجة أن نضع يدنا بيد جلالة الملك، ونعمل على تقوية رؤاه بفريق عمل إبداعي، وبدعم اكبر كما هو دائما، لتتحول كل البحرين إلى فريق عمل من السياسين والاقتصاديين والمجتمع والتوكنوقراط والوزراء والتجار؛ لنحقق اكبر مما حققته سنغافورة في إذابة الفوارق ليكون المشروع القومي البحريني فوق كل شيء بعيدا عن الأحزاب والأيديولوجيات، وأن نركز اقتصادًا حرًا يقوم على التنوع لا الضرائب وسياط الوزارات، حيث ساد شعور عام بأن الحكومة لا تستهدف الفقر، بل تستهدف الفقراء “خصوصا هيئة الكهرباء التي أصابت المواطن وأيضا القطاع التجاري بالموت سريريا، وأقول أن البداية تبدأ بتسعيرة الكهرباء التي أعتبر هذه التسعيرة هي أم المصائب في الحمى الاقتصادية التي انتشرت وانعكست على كل القطاعات، فلابد من إرجاعها. اقول، فريق عمل داعم للمشروع الإصلاحي على هيئة وطن يقوم على رفع النمو الاقتصادي وتقليل العجز وسداد الدَّين العام؛ ليكون عندنا فائض احتياطي بالعملات الصعبة، مع تحويل القرى إلى مدن ذكية كما تفعل الآن الهند بمشروع بناء مئة مدينة ذكية، ومحاربة الفساد بشكل معلن وواضح وصريح مع إعادة تأسيس قطاع التعليم إلى تعليم إبداعي ابتكاري معرفي كما تفعل سنغافورة الآن، مع تشريع قوانين جاذبة للاستثمار ورؤوس الأموال مع ضخ مزيد من أكسجين الحرية في الصحافة. مكثت في التنقيب لزمن وأزمان لتلخيص قصص نجاح الصين والهند واليابان وكوريا الجنوبية والسويد والدانمارك والنرويج وألمانيا وكل الاقتصادات الكبرى، متيقنا بقدرتنا كبحرينيبن أن نصنع المعجزة البحرينية في الاقتصاد والسياسة والاجتماع، ونستطيع أن نأخذ الخطوط العامة ونطبقها في البحرين خصوصا أن جلالة الملك ابتدأها منذ ١٩٩٩ ونجحنا في عشرات المشاريع، ونستطيع المواصلة بشكل أسرع إذا وضعنا البحرين مشروعنا القومي.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية