العدد 3988
الأحد 15 سبتمبر 2019
banner
قهوة الصباح سيد ضياء الموسوي
سيد ضياء الموسوي
خطورة تغذية الوحش في الحب والسياسة والاقتصاد
الأحد 15 سبتمبر 2019

في الحب والسياسة والاقتصاد عندما تربي وحشا سياتي يوم وتفقد السيطرة على هذا الوحش. وليس أخطر على الإنسان من وحش تغذى على القلوب المحطمة، والأحاسيس المحترقة، والأكثر ألما عندما يكون قلبك هو ذات الوح ، هذا القلب الغبي الذي تعلم الأكل على مائدة مشتهاة من حب معين، يكره أن يأكل من غيرها.

إنه يرفض قبول شفاه غير شفاه ذات الفاكهة أو استطعام مذاق غير ذات المذاق رغم وفرة المزارع وتنوع الفواكه!!. قلبك فيه من صفات الكلب، يبقى وفيا حتى لمعذبه. نعم عندما تربي بدلالك وبفيض الاعتناء وحشا في مزرعة الحب لا تنتظر أن تثمر المزرعة عصفور جنة أو حمامة تتبادل معك الهديل والقبل!! نعم سيكون كل شيء على حسابك، الحب، المال، والحنان، إلا الألم والوجع سيكون على حسابه. لذلك في الحب لك دوران لا ثالث لهما: إما أن تكون الوحش أو الدمية، وغالبا ما يكون العاشق المتعلق هو الدمية التي يلهو بها ذلك الطفل الصغير المدلل. إنها عالم (ديزلاند) الحب. ففي ديزلاند الحب يجب أن تتقبل الحقيقة، فالحب مثل شخصين على أرجوحة حين يرتفع أحدهم، يهبط الآخر.

والحب كما الاقتصاد، لابد أن تتحوط بالعملات الصعبة من الأصدقاء عندما تنهار عملتك مع الحبيب، وكل حياتك مرهونة بمدى ذكاء مصرفك المركزي الذي هو عقلك في مراقبة مدى نمو نبضك كل ربع من سنتك. النمو السريع والأداء الجيد، وإذا كنت ممن يعتمد على مورد واحد بدلا من التنويع في اقتصاد الحب من أن يكون الحبيب (نفطك الخام) ولا شيء آخر، فأنت خليجي الطباع، إذا رهنت كل حياتك بمورد واحد، فستعاني من الأزمات التي تهزك وحجم الدين الذي سيكبدك إياه، وحجم العجز في قلبك، ومشاعرك، وهروب كل الذين سعوا للاستثمار الناجح مع علاقتك. بحرينيًا، كما هي توصيات القيادة لابد من اقتصاد متنوع قوي وعلى المؤسسات العمل وفق هذه التوصية. عندما أطرح كوكتيل الحياة كعلاج في الحب كذلك هو في الاقتصاد، نحتاج كوكتيلا اقتصاديا كما هو الاقتصاد الأمريكي، والصيني والياباني، والألماني، ولو مصغرا على الطريقة السنغفورية التي تشبهنا في كل شيء، ونستطيع الاستفادة منها.

كي ينمو الخليج اقتصاديا يجب الإجماع على خلق قطاع صناعي ضخم متنوع في كل شيء. أما قطاع السياحة وغيرها، فتعتبر إكسسوارات مالية أمام القطاع الصناعي مثل صناعة السيارات والطائرات، والسفن... إلخ. أقول، الاقتصاد كما الحب عندما تربي وحشا سيأتي يوم وتفقد السيطرة على هذا الوحش. ووحوش الاقتصاد المنتفخون على حساب مصلحة الدول، بل البشرية هم بلاؤنا، وأعتقد أكثر وحوش المال تتكاثر في القطاع المالي والمصرفي والمؤسسات البنكية، هؤلاء ما يهمهم الربح ولو خلف أزمة عالمية تلقي بملايين البشر بأطفالهم إلى الشارع بلا مسكن ولا وظيفة ولا طعام. نحن في الشرق التوسط وأوروبا ضحايا عادة السياسة المالية للاقتصاد الأمريكي. كما حدث بعد أزمة 1929 وأزمة الذهب في الثمانينات وأزمة النمور الآسيوية والأشرس أزمة 2008 التي سببت بانهيار 19 بنكا في أمريكا وخسر حوالي 8.7 مليون شخص أمريكي وظائفهم. والسؤال: كيف تتكرر الأزمات ولا يتم التعلم من الدرس؟ تتكرر؛ لأن هناك جشعا، وطمعا ومنتفعين. مادام هناك ربح خاص وشخصي لديناصورات مال، فلتذهب البشرية إلى الجحيم. المشكلة عندنا نظام مالي عالمي متوحش، ويفرخ وحوشا، فلا تتعجب من صناعة أزمات متوحشة.

كما قال خبير اقتصادي: (إن قيادات العالم المالي لا ترى إلا مصالحها خصوصا في أوروبا وأمريكا، والأزمة التجارية اليوم بين أمريكا والصين نحن سندفع ثمنها لاحقا. قيادات العالم المالي اليوم لا يرون الصورة الكبرى، ولعل اكبر مشكلة اليوم في القطاع المصرفي وربما بعض القطاعات أن هذه القيادات تقرأ العالم عن طريق مصالحها. ولن يتغيروا لأن النظام أقوى من الأفراد، النظام يجعلهم هكذا متوحشين. هذا النظام المدفوع بمنطق الربح، وتعظيم المنافع الشخصية بدون أي قيم تتصل بالمستقبل البشري ينتج مثل هؤلاء المدراء). هؤلاء هم الخطر على العالم. إن وحوش المال هم وراء هذه الأزمات.

أما عن وحوش السياسة التي نربيها، فيكفي أن نطل على الحرب العالمية الثانية، فوحوشها خلفت أكثر من 60 مليون قتيل عدا عن الجرحى والقتلى والأرامل. حاذر من تغذية وحشك الخاص بك في الحب والسياسة والاقتصاد.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية