العدد 3946
الأحد 04 أغسطس 2019
banner
مئوية المصارف
الأحد 04 أغسطس 2019

لم تكن مصادفة أن تحتفل مملكة البحرين في سنة واحدة بمئوية التعليم ومئوية المصارف، مائة سنة تعليم = مائة سنة مصارف، نعم، إنها حقائق الأشياء عندما تتجلى لتؤكد بأنه لا إنجاز من دون علم، ولا علم من دون ترجمة دقيقة وتطبيق أدق على أرض الواقع.

تاريخ العلم لا قيمة له إذا انفصل عن هموم الناس، عن أهداف التنمية وخطط الاستدامة، عن قضايا المستقبل وسجاياه المتأملة.

1920م تم تأسيس أول مصرف في البحرين وهو البنك الشرقي “ستاندر تشارترد بنك” ، وفي العام نفسه انطلق التعليم النظامي متمثلاً في مدرسة الهداية الخليفية بالمحرق، تناغم وتناسق بين دولة تعرف قيمة العلم، وقطاع اقتصادي يفهم في الخدمات المصرفية الداعمة، نظريات من خلف ستار، وعلوم على منصات التواصل الذهني بين أفراد المجتمع، ثم مصارف تأخذ طريقها على دروب التشكل اليقيني الخادم لقطاعات بدأت ترى النور حتى قبل اكتشاف النفط في عام 1932م.

عندما جاء ذلك الكشف السحري، كانت البحرين مهيأة، وكانت ملء السمع والبصر كونها مركزاً للتجارة العابرة بين الأمم “الترانزيت” مثلما يطلقون عليها، إذن لم تنطلق أية منظومة تنموية من فراغ، ولم تسبح مفرداتها المؤثرة في عكس تيار الضمانات المتوافرة لها آنذاك.

الحديث عن مئوية المصارف، لا يقل أهمية عن السجالات التي مازالت تدور رحاها حول مئوية التعليم، أيهما أو كلاهما ساهما في تشكيل الحقبة الذهبية الداعمة للنشوء والارتقاء الذي تهيأت له مصارفنا في السبعينيات، ولعل في اليقظة الاستثنائية لقائد مثل الأمير خليفة بن سلمان حفظه الله ورعاه ما مكن البحرين في أن تلتقط الفشل فتصنع منه نجاحاً مبهرا.

المصارف العالمية تهرب من بيروت إبان الحرب الأهلية الطاحنة في العام 1976م، سموه برؤيته الثاقبة يدرك أن البحرين يمكن أن تحتضن ذلك السيل المنهمر من مؤسسات باحثة عن التمركز بأمان بعد قلق ، وباستقرار بعد تشتت، وبالفعل هيأت المملكة متمثلة في مؤسسة نقد البحرين آنذاك البنية التشريعية والإجرائية والمحاسبية والقانونية اللازمة لتلك المصارف، فأصدرت القوانين وسنت اللوائح والأنظمة المُسيجة بالتسهيلات والانسيابية المطلقة عند استقبال وتحويل الأموال.

حرية اقتصادية مثلما يقول آدم سميث في كتابه “الكبير” عن الاقتصاد الرأسمالي، وتنوع مشمول بخطة تنموية لم تنفصل عن استقبال عدد هائل من المصارف على أرض الجزيرة الصغيرة وسط الخليج.

المملكة بتفكير فريد من رئيس الوزراء تُطلق استراتيجية تنويع مصادر الدخل، ومن محاسن الصدف تواجد منظومة مصرفية مستعدة للمساهمة في أن تحل بديلاً خفيف الظل عن النفط بعد أن كانت قد تراجعت أسعاره لحدود ثمانية دولارات للبرميل بعد القفزة الساحقة “من “2 - 44” دولارا للبرميل بعد حرب 1973م.

البحرين إذن بقيادتها الحكيمة ورجالها الأشداء فهمت واستوعبت ما يدور بمنطقتها، أدركت وتشبثت بالفرصة لأنها لا تأتي إلا لمن يستحقها.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .