لا أحب تمثيل دور الملاك، وبين يدي كتاب الأمير لميكافيلي، ولا معجبا بنظرية المدينة الفاضلة؛ لإيماني أن كل علم ينتج مبدعين إلا علم السياسة ينتج وحوشا كما يقول الكندي أجيد فن تكسير الأصنام البشرية، وتستهويني احتساء قهوة مع الواقعية كل صباح. أتمعن في المسلسلات الواقعية والكتب العملية؛ كي أعرف كيف تقاد الأمور في السياسة العالمية، لذلك مكثت في مشاهدة مسلسل ناركوس أوسكبار، وهذه الأيام أنهيت الجزء الثالث من مسلسل “الجابو” المكسيكي، وقبل عام مسلسل التاج عن حياة ملكة بريطانيا هذا عدا عن التمعن في نظرية ابن خلدون في مقدمته عن سوسيولوجيا الشعوب، وعلي الوردي، في مهازل العراق والطبيعة البشرية، وغوستوف لوبون في نظريات السياسة، وأخيرا وليس آخرا نظريات المفكر الروسي العملاق فاديم زيلاند في مفاهيم الطاقة.
كلهم يركزون على الواقعية المقاتلة. ما أريد قوله إن كل هذه الأمور تخفف عني كولسترول الرومانسية السياسية.
لست حالما أو مثاليا عندما أدعو للمشاركة، بل أعيش قمة الواقعية، وأقول ذلك لمن يظن أنني شخص أعيش أحلاما وردية عندما أدعو للمشاركة. انتخابات 2018 انتخابات مفصلية، وستنفتح من خلالها آفاق إما تنزل غربان أو نوارس. أضع باقات ورد على عتبة بيت كل مرشح، يجمع بذور تفاؤل لزراعة أحلام جديدة في حديقة تم إهمالها، لكل مرشح يطمح في رسمة ابتسامة على شفتي كل جرح، لكل من يمتلك شجاعة الأقدام رغم وحشة الطريق، واستباحة السمعة، وإطلاق رصاص التشهير على الاسم .
أقدر لكل مرشح يشاطر الأسد في الجرأة والتجول في غابة الفكر المحترق سلبية. أقول لهولاء خصوصا في القرى، لا تكونوا في رد الفعل، بل في موقع الفعل، اذهبوا واطرقوا باب كل متوتر من المشاركة، وناقشوه بحضارة وهدوء ومحبة ستكسبون الكثير، واعدوهم بصدق إن ترشحكم لأجل الترافع عن أحزانهم المعيشية، عن كل أحلامهم المهربة إلى شواطئ الضياع، عن أمانيهم المحتضرة، والمسجاة في توابيت الإحباط اليومي.
واعدوهم بأنكم ستنتصرون لابتسامة سرقت من على شفتي خريج عاطل، ضاعت بين مخملية تصريحات وزارة العمل، لكل آمل كاد يفقد من صندوق متقاعد ما زال سارحا بقهوته المرة على مقاهي النسيان، لكل خريج حزم أمتعته، ودموع أمه حقائب سفر وغادر بين المحيطات والبحار ليصنع أمل على رصيف غربة في مدن الله البعيدة. لكل المتكدسين في الغربة من حملة الشهادات يطرقون أبواب الوزارات والشركات في أوروبا بحثا عن وظيفة بعد أن ملوا وعود مراكز التوظيف، ونرجسية ديوان الخدمة المدنية، وأجنبة البنوك.
وقعوا على أوراق، وأنتم ترشحون أنفسكم، إنكم لن تتخلوا عنهم في المنعطفات، وعند مراقبة التاريخ، وإنكم لن تجاملوا وزيرا ولا وكيلا ولا مديرا، وإنكم ستترافعون عن البحريني من الرفاع إلى سترة إلى المحرق إلى المنامة إلى البديع وكل منطقة بحرينية، وإنكم لن تجلسوا مع ذئب الطائفية على مائدة، وإنكم ستقفون مع الإنسان، ولن تتورطوا ببيان طائفي، ولا نبشا في قمامة التاريخ وستحترمون أهل البيت(ع) والصحابة (رض) وكل المقدسات، ولن تدافعوا عن تاجر فاسد، ولا قانون يضر بمواطن فقير.
أن تكونوا مع البحرين في قضاياها السيادية، ومع الوحدة الوطنية، وإنكم ستبقون مخلصين للوطن ولجلالة الملك وسمو رئيس الوزراء وسمو ولي العهد وللشعب البحريني. كونوا شجعانا في الاقتحام، لا تلتفتوا لكل خناجر “اليوتيوب”، وكل سكين تتوحم على لحمكم، فكروا في كل المرشحين السابقين الذين مروا بذات الهجمات، لكنهم نجحوا ووصلوا، سيبقى منهم من خدم الناس، أما من تخلى عنهم، فسيكون عاملا في قلاع التاريخ، يزيل أتربة الخيبة، وغبار المواقف البائسة. سيروا على درب الله ولا ينسحب أحدا، فغدا من انتقدك بشراسة سيأتي إليك؛ كي تترافع عن قضية من قضاياه، فكن أنت الأب والأخ والصديق والكبير الذي يعض على الجرح ليقدم وردا حتى لشامتيه، فالكبار عيونهم على مقعد بين النجوم.