العدد 3613
الأربعاء 05 سبتمبر 2018
banner
قهوة الصباح سيد ضياء الموسوي
سيد ضياء الموسوي
أيها العلماء... ساندوا المشاركة (2)
الأربعاء 05 سبتمبر 2018

لا يمكن أن تتحول إلى مانديلا مطالبا بالديمقراطية، وما أن يختلف معك أحد في رؤيتك تتحول إلى ستالين!

لا يمكن أن تكون مانديلا عندما تريد أن تشارك، وتتحول إلى ستالين على الناس مجرد تقرر أن تقاطع.

لا يمكن أن تتحول المشاركة “مباركة من الله والقديسين والشهداء” إذا آمنت بالمشاركة، وتتحول ذات المشاركة إلى “عداء لله وخيانة للقديسين والشهداء”. هذا التناقض هو أضعف العملية الديمقراطية، وقاد للانشقاق.

أدعو أحبتي وكل من يختلف معي إلى الحوار العقلاني والهادئ. إذا أردت أن تقاطع! لا تسمح لأحد أن يزرع بعقلك قنابل موقوتة تجاه أي شخص يختلف معك في التشخيص، في حين تجد من يفخخك يزرع بعقل أبنائه مفاهيم التجارة والتعليم! لا تكن صيدا ثمينا للمتاجرة السياسية.

كل حل وطني يمهد بنيات حسنة، بورود وزهور تمهد الطريق لحل كبير، القطرات تصنع الساقية. النهر عبارة عن تراكم قطرات. إذا كُنت تشكك في نوايا أي مترشح هنا أو هناك لماذا إذا كنت ترى في نفسك الكفاءة لا تتقدم أنت بالمشاركة؟ تستطيع أن تساهم في إيصال صوتك، وعشرين صوتا تتلاقى بوطنية من كل شرائح المجتمع تمثل ثقلا نوعيا في الضغط تجاه تشريع قانون أو أي ملف مثقوب مثل ملف البطالة أو التقاعد أو الضرائب أو أي ملف.

دعونا نضع المفارقة بين المقاطع والمشارك من حيث ثقل التغيير: المقاطع لا يستطيع مقابلة فراش الوزير، فضلا عن الوزير. المقاطع سيتحدث على الرصيف، والمقاطع يمتلك “تويتر” متخفيا خلف اسم وهمي، لا يستطيع الاعتراض لا على تشريع قانون، ولا يستطيع توظيف أحد أو إخراج وحدة سكنية، أو الحديث عن جرح أو الرد على أي متوتر طائفي يريد ضرب الوحدة الوطنية سواء من هذا الطرف أو ذاك، شغله الشاغل البكاء على اللبن المسكوب، أو نشر مناديل النواحة على الملفات العالقة وغيرها. في حين المشارك أو المرشح الفائز، يستطيع التواصل مع القيادة حفظها الله مباشرة، يستطيع إيصال أي معلومة مباشرة، كلمته في البرلمان لا الرصيف، يستطيع خصوصا مع كتلة وطنية متنوعة من كل فئات المجتمع استجواب الوزير، فضلا عن مقابلته، الضغط على أي وزير، إيصال معاناة الناس تجاه أي مسألة تمس أي قرية أو مدينة، يستطيع مادام مصلحته الناس، أن يقرب وجهات النظر، ويساهم في الوصول إلى حل للجروح المفتوحة، يستطيع بأقل المقادير، الحوار فيما يمس معاناة الناس الذين ذهبوا ضحايا الفواتير السياسية، ويستطيع تعزيز الثقة وتقوية الروابط وترسيخ الوحدة الوطنية بين الحكم والمجتمع بشكل أعمق وأقوى. أما ترك الساحة والانتخابات وللمرة الخامسة بمقاطعة أو إطلاق تمساح التهديد على كل  مرشح، ونشر الذعر، فهذا يفوّت أكبر فرصة للحل الكبير.

أعرف أبناء وأمهات تحولوا إلى جروح تمشي على الأرض مازالوا جالسين على رصيف الأمل ينتظرون بريق حل؛ كي تعود البحرين كما كانت تعم الأعراس، والاحتفالات الوطنية، فكيف تعود مع الإعاقة لأي تقارب؟ عرس الحل الوطني الكبير يكون عبر تآزر الجميع في كل مجال وحقل وموقع، المثقف في النوادي يقول الكلمة الطيبة المبادرة، رجل الدين يدعو عبر منبره بخطاب تواصلي، لاعب كرة القدم يفوز لأجل البحرين، الصحافة تضع تقارير للتقريب ودعم الوحدة الوطنية والقيادة وتنور الشعب وتدافع عن ملفاته، النائب في البرلمان يحاسب أي وزير على أي تقصير ويشكر الوزير على أي إنجاز، التاجر يدافع عن الناس والدولة ويقوي العلاقة مع الجميع لإيصال صوت الاعتدال، كل هذه القطاعات يشتغل الوطنيون كل حسب موقعه وبقوة ومصداقية، من هنا طاقة إيجابية، ومن ذاك القطاع طاقة إيجابية وهكذا، تبدأ قطرات الحل في التراكم مع لطف إلهي ويبدأ الفرج وإذا بتدفق نهر الحل.

ومن أكبر المواقع هو البرلمان، فلا تفوتوا الفرصة، البرلمان يساهم بعشرين في المئة، وزيارات المحبة والتواصل الوطني مع القيادة يمثل قوة كبيرة، كلمة المنابر المسؤولة والخطاب المتزن يمثل نسبة معينة، والصحافة... إلخ. يبدأ تشكل وعي وطني متحاب جديد مؤازر للقيادة والشعب وحقوق الناس وهكذا، ولكن لو قاطعت البرلمان، والصحافة، والتجارة والاقتصاد، والمؤسسات الوطنية كيف سيكون هناك حل؟

لابد من الجلوس مع أي شاب صغير متوتر وإفهامه بالكلمة الطيبة، والحوار الهادئ، وكسر حاجز الخوف. وعلى الكل أن يدعو للمشاركة الانتخابية إما السلبية المطلقة، وترك الساحة هكذا، فهو مزيد من الخسران، وطريق لتوسيع حفرة الضياع. أوقفوا الحفر، والكل يأمل من العلماء الدعوة للمشاركة لمصلحة الجميع.

16 عاما من المقاطعات، وانظروا إلى النتائج، الأوجاع أصبحت تقاس بالأمتار، وحجم تراكم الملفات يزداد، فلماذا الصمت، لو في كل قرية تشكل فريق للجلوس مع الرافضين وفتح حوار حضاري هادئ مع أي متوتر من المشاركة، وتم نقاش إيجابيات المشاركة والمقاطعة سيتم تخفيض إيقاع التخويف أو الصد أو المقاطعة. غلبوا جانب المشاركة، ولو مرات ستكتشفوا أنها الأفضل رغم كل المنغصات. افتحوا حوارات بالقرى بطريقة ديمقراطية، مجالس، نقاشات بأسلوب حضاري مع الجميع.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .