+A
A-

"العربي" الكويتية تستعرض تجربة البحرينية مياسة السويدي نقدياً

"تاريخ اللوحة هو تاريخ من الصدمات المتتالية. صدمة التصوير الضوئي سلبت منها الواقعية الكلاسيكية. صدمة التقنية و التحولات الجذرية للمجتمعات الأوربية التي أعادت التقنية و حركة رأس المال صياغتها في هيآت منسوخة عنهما"، جاء ذلك في مقدمة الدراسة التي كتبها الناقد الكردي سامي داوود ضمن مجلة العربي الكويتية عدد 704 لشهر يوليو الجاري عن التشكيلية البحرينية مياسة السويدي تحت عنوان "معمار الشكل" وتناول فيها عدد من اللوحات التي سبق عرضها في ضمن معرض "هي SHE " في الكويت وعرض بعضها في معارض دولية أخري حيث يقول بأن السويدي قدمت جهداً (تقني كبير وتنويع في ملامس السطح اللوني تضعه على كتلة الشكل بالتعارض مع حيادية كاملة في فراغ اللوحة. العمل كله موضوع في الشكل بينما الفراغ فمعالجته شحيحة و لا يمكن تتبع مسار الضوء في الدرجة اللونية الموضوعة بتجانس ضمن إحادية لون الفراغ)، مؤكداً على (أننا أمام عمق بالمعنى الذي نستخدمه في الأشكال الخطية التي تكتفي بالوجود معلقة في مجال غير مبأر أو مستقر على ثقل أرضي ، كون الأشكال الخطية لا تمتلك سطحا، العمق سطحها. بينما في هذه الأعمال فإن تحييد الفراغ يترجم إلى تكثيف في معمار الشكل و في تلوينه).

وقد تحدث الناقد سامي عن تجربة بعض الأعمال السداسية التي قدمتها السويدي ضمن معرض "هي SHE " التي قال عنها (مشغولة في جزء منها بكيفية حسية مغايرة. مع اهتمام مضاعف بالإشتغال على الملمس النافر للسطح و تنسيقه مع هيئة الكتلة اللونية. لكن لماذا تقدم الفنانة أعمالا مرسومة على مكعبات متعددة الأسطح بدلا من سطح اللوحة العادي.؟ هل هي ضرورة تقتضيها بنية الشكل في العمل المرسوم على مكعب.؟ أم للأمر علاقة بتكثيف منظور الشيء عبر تنويع مستويات رؤيته.؟ الملاحظ في بعض المكعبات أن الأسطح/الأشكال  تتوقف حدودها عند زاوية المكعب.ما من إمتداد للشكل أو حتى للفراغ كل سطح مستقل بوضعية الشكل و بهيئته و يتشارك مع بقية الأسطح طريقة المعالجة الإجرائية للتكوين ككل).   مضيفاً بأن الفنانة مياسة قد (وفقت في معالجة كل سطح على حدا و في طريقة العرض، لكنها عزلت الأسطح المتعددة للوحات المكعب. فإن كان الأمر يتعلق بتقديم خمس لوحات فلماذا لا تفرد كل واحدة على سطحها الخاص. أما جلبها إلى المكعب و تحويلها إلى لوحة متعددة الأسطح، فذلك يعني إعادة التفكير في التكوين و في إجرائيات بنائه. فاللوحة متعددة الأسطح ـ و هي التسمية الأدق من وجهة نظري ـ تقدم الشكل و ارتباطاته و حتى ممكناته المتنافرة معه، لكنه يبقى شكلا مرتبطا في الأفق الشامل للرؤية ككل)، مضيفاً بأن (هذه القضية تترجم في طريقة رؤية هكذا أعمال و كذلك في كيفية عرضها و تقديمها للمتلقي و إرشاد المتلقي إلى المسافة التشكيلية المناسبة).

وفي ختام دراسته المنشورة في مجلة العربي تحدث الناقد سامي داوود عن لوحات مياسة السويدي التي تركز على المرأة فقال (معظم الأشكال النسائية في لوحات مياسة تؤسس لتضمين الآخر في الذات، و هو تضمين مؤسس على وضعية الشكل و حسب. فالأشكال صريحة الإطار، و هو ما يجب تجاوزه ليكون الشكل قادرا على تثوير علاقات ارتباطاته بالأشكال الأخرى المحتملة له و الكامنة فيه. ما يجعل الخط في الجسم مجرد زاوية رؤية متحركة باستمرار. بينما تثبت مياسة مشهد لوحاتها في لحظة صريحة لونيا و شكليا).

كما ركز داود على (النشاط الكبير الذي تقدمه مياسة بمعارضها و مشاركاتها الفنية، تجعل تجربتها مفتوحة على تحولات كبيرة على مستوى التقنيات. ما يمكنه أن يؤسس بالتدريج لنمو خفي لإسلوب آخر في بناء اللوحة قد يترجم مستقبلا في معرض شخصي قادم).