+A
A-

زيباري لـ“البلاد”: مستقبل العراق يبدأ بإيجاد طرح مشترك بمنأى عن الفئوية

قال رئيس لجنة الشون الخارجية بمجلس النواب العراقي عبدالباري زيباري إن النواب العراقيين ووزارة الخارجية لم يكونوا على علم بأي من المفاوضات المتعلقة بالإفراج عن المعتقلين القطريين حتى اللقاء الأخير الذي أتى بالوفد القطري إلى بغداد، مؤكداً أن “هنالك حاجة لوقفة قوية وجريئة بمحاربة الفساد الذي ينخر بالعراق”.

وأوضح زيباري في لقاء أجرته معه “البلاد” أن “حلحلة الخلافات بين الكتل السياسية العراقية لن يتم إلا بإيجاد طرح مشترك يتم الاتفاق عليه بعيداً عن النهج الفئوي والطائفي، وهو ما سيوفر الأرضية للحكومة في بدء الإصلاحات والإعمار معاً”. 

وبين أن النفط أحد أكبر الابتلاءات على العراق؛ لأنه زاد من شهوات المتآمرين عليه، والسياسيين أيضاً... وفيما يلي نص اللقاء:

 

* هناك آراء بأن ما يحصل من تحالف دولي ضد “داعش” هو بهدف إضعاف الحكومة العراقية نفسها، والدليل أن بعض الدول سارعت إلى تسليح الإقليم، ما رأيك؟

- بقناعتي الخاصة أرى أن المستقبل سيكون جيداً؛ لأن العراق عبر مرحلة التقاتل الداخلي، ناهيك عن أن دول الجوار والأشقاء العرب بدأوا يعون أهمية العراق وموقعه الاستراتيجي.

أضف إلى ذلك أن الإدارة الجديدة بواشنطن لديها الرغبة في الانفتاح على العراق ودعمه سياسياً، خصوصا بهذه المرحلة المهمة لدحر “داعش”، وعليه نتمنى أن تكون الحكومة العراقية على قدر من المسؤولية تجاه هذه المؤامرات التي تستهدف العراق.

 

* هل كانت هنالك مساومات سياسية - كما هو متداول - فيما يخص إطلاق سراح المعتقلين القطريين؟ لماذا تأخر هذا الانفراج؟

- لم نكن على اطلاع على أي مفاوضات حتى اللقاء الأخير الذي أتى بالوفد القطري إلى بغداد، ووزارة الخارجية لم يكن لديها العلم أيضاً، وما هو غير موثق لا يمكن الاعتماد عليه.

 

* كيف ترى المشهد الكردستاني اليوم؟

- مشهد ليس بالسهل، لدينا وللأسف أزمة سياسية تتمثل في تعطل البرلمان، لدينا أزمة اقتصادية خانقة، رواتب لا تدفع إلا بعد شهور، ووضع الإقليم بهذه المرحلة يحتاج لدراسة ووقفة قوية، وباتخاذ قرارات جريئة، خصوصاً بمحاربة الفساد المستشري في كل العراق.

 

* تزايد الفقر ببلد يسبح بالنفط، ألا تعتبره بمثابة خيبة أمل للمواطن العراقي الذي عقد أملا كبيرا على الفرقاء السياسيين من أبناء بلاده؟

- أحد أهم المصائب التي ابتلي به العراق هو النفط، فلولاه لكنا بلدا زراعيا صناعيا مستقرا، وليت لم يكن لدى العراق قطرة واحدة من النفط؛ لأنه هو ما زاد شهوات المتآمرين على العراق، وكذلك السياسيين.

 

* فيما يخص أداء البرلمانيين العراقيين ورواتبهم العالية مقابل الأوضاع الاقتصادية التي تعصف بالعراق، ألا ترى أن الموضوع يمثل معادلة غير متوازنة؟

- رواتب البرلمانيين العراقيين تم تخفيضها مؤخراً بمقدار 60 % لتصل إلى 5000 دولار شهرياً فقط للعضو، وهو ما يوازي نصف راتب السفير، كما رفعت العديد من المزايا كالسيارة وغيرها.

 

* تجاوز الخلافات بين الفرقاء السياسيين، من أين يجب أن يبدأ؟

- يجب أن تبدأ الحكومة العراقية برسم خريطة عمل واضحة المعالم، يقابلها توحيد الخطى للكتل السياسية لتكون عاملا مساعدا بأن تؤدي واجبها كما يجب، ناهيك عن أن استمرار الخلافات السياسية بين الكتل بالشكل الذي نراه، يعطي الحكومة العراقية التبرير بأن هذه الخلافات هي من مسببات تأخر تقديمها الخدمات اللازمة للمواطن، وبتوفير فرص العمل أيضاً.

وحلحلة هذه الخلافات لن يتم إلا بإيجاد طرح مشترك يُتفق عليه بعيداً عن النهج الفئوي والطائفي، وهو ما سيوفر الأرضية للحكومة في بدء الإصلاحات والأعمار معاً. 

 

* هنالك تخوف لدى الأكراد من حصول اقتتال بين الحشد الشعبي وقوات البيشمركة في المستقبل القريب، هل لديكم هذه المخاوف؟

- عندما تكون هنالك مناطق ساخنة، كل شيء متوقع، لكنني لا أتوقع ذلك.

 

* ما تزال العلاقات مع دول الجوار باردة، ما الذي يحتاجه العراق لدعم هذه العلاقات؟

بكل صراحة، العراق قدم ما يمكن تقديمه لدول الجوار، والدور مناط بها اليوم، فعلى سبيل المثال كيف للعراق أن يبني علاقات صحية مع تركيا وهي لديها قواعد عسكرية تتعدى 12 قاعدة بالأراضي العراقية (بإقليم كردستان) منذ العام 1995، ومن دون موافقة العراق؟ وبدلاً من أن تقلصها وتسحبها، أضافت لها قاعدة بعشيقة. 

ولي أن أشير إلى أنه حتى في إقليم كردستان نفسه هنالك أخطاء، وإن كانت هنالك جهة سياسية صديقة لتركيا، فيجب ألا تكون هذه الصداقة على حساب العراق، وبالسياسة لا يوجد هنالك صديق دائم، أو عدو دائم.

 

* هل تعتقد أن العراق قادر على العودة للمحيط العربي في ظل الإدانات العربية المستمرة لممارسات الحشد الشعبي الطائفية؟

- لا أعتبر نفسي محاميا عن أي جهة سياسية أو عسكرية أو غيرها، ولكن المواضيع الشبيهة بهذا تستغل سياسيا لإيصال الصورة غير الجيدة عن المواطن والدولة العراقية، وأنا لا أقول إنه ليس هنالك خروقات لأنني لست داخل الحدث.

ولكن عندما يحصل فإن على الحكومة العراقية التحقيق بكل صغيرة وكبيرة لأي مخالفة كانت، وعليه فإن الحكومة هي التي عليها الثقل الأكبر هنا، وليس الحشد أو البيشمركة أو أي جهة أخرى، ولأنها الجهة التي تدير قانونياً كل هذه المؤسسات.

وإذا كان هنالك مؤسسات مخالفة لحقوق الإنسان أو تضغط على طائفة معينة، فعلى الحكومة أن تبرئ نفسها منها، أو تعدل من الأوضاع الجارية.

 

* كيف تقرأ التصريحات المسيئة التي تصدر من بعض المسؤولين العراقيين وبشكل مشين تجاه البحرين والسعودية، تصريحات نوري المالكي مثالاً؟

-هذا خطأ، والدستور العراقي يمنع - وبكل وضوح - العراق من التدخل بشؤون الدول الأخرى، وبالوقت ذاته يرفض تدخل الدول الأخرى بالشأن العراقي، ولكن هنالك قول “خالف تعرف”، وغير المعروفين يلجأون لهذه الطرق السلبية لكي يعرفوا على حساب الدولة العراقية والشعب.

 

* ما رأيك بظاهرة تغريد مقتدى الصدر خارج السرب؟

- هو الشخص الوحيد الذي يستطيع أن يعبر عن وجهة نظره، ولكن بالوقت ذاته هنالك عوامل عدة كالحرب ضد “الدواعش”، دخول العراق مرحلة الجديدة، وتغير أداء الكتل السياسية، ولا تنس بأن لدينا انتخابات السنة المقبلة.

ومن خلال معرفتنا بالكتل السياسية، الصدريون لهم تيار خاص بهم وبعائلتهم، ومن خلال متابعتي فإن هذا الجمهور خاص بهم، وتابع لهم، وسيظل دوماً كذلك.

 

* كيف تصف العلاقات العراقية التركية في الوقت الراهن، وما آل إليه التوتر بين البلدين بشأن الوجود العسكري التركي في قاعدة بعشيقة؟

- قاعدة بعشيقة وبقية القواعد التركية الأخرى إحدى الركائز الأساس التي تسبب التخريب بالعلاقة بين الدولتين، ونحن نعتقد بالعراق أننا يجب أن نسمع أصواتا عربية معنا في هذا الجانب، ولكي نشعر بأننا جزء من الجغرافية العربية.

قلنا سابقاً للمسؤولين السوريين، لا يمكن أن يحرق بيت جارك وأنت في مأمن، العراق سيحترق وسوف تأتيكم هذه النار، وهذا ما حصل فعلاً، وهو أمر قابل للتكرار بأي رقعة جغرافية أخرى، وتصعيد تخريب العلاقة مع العراق لا يخدم تركيا أبداً.

 

* ألا ترى أن الوجود العسكري الإيراني في العراق أخطر على هوية الدولة العراقية ووجودها من الوجود التركي؟

- من دون شك، لكن قواعد العمل تختلف، فإيران تتعامل مع حكومة العراق مباشرة، وإذا كان هنالك علامة استفهام على الوجود الإيراني، فهو ينعكس مباشرة على أداء الحكومة العراقية؛ لأنها هي قناة التواصل، وعليه يمكن محاسبتها، لكن الوضع مع الشأن التركي مختلف تماماً. 

 

* خبراء عسكريون أكدوا أن تعجيل الحملة العسكرية في غرب الموصل لطرد مقاتلي “داعش” سيسبب زيادة مفاجئة في الضحايا المدنيين مما يهدد بتقويض جهود هزيمة التنظيم، ما رأيك؟

- التضحيات للأسف حصلت، خصوصاً في الساحل الأيمن، وبآخر لقاء مع وزير الدفاع العراقي أكد أن القتال يحصل من غرفة إلى غرفة، وهو ما يصعب ويؤخر استعادة الموصل، لكن وبنهاية المطاف “الدواعش” خارجون ليس من الموصل فقط، بل من الأراضي العراقية كلها.