العدد 3066
الثلاثاء 07 مارس 2017
banner
هل ولى عصر القومية
الثلاثاء 07 مارس 2017

قد يرى البعض أن القومية وبالذات القومية العربية ولت وانتهى زمانها وأضحت من الماضي الذي لا مستقبل له، فقد أصيبت هذه القومية بضربات متتالية على الأقل في العصر الحديث، ومنذ الردة التي حدثت في الخامس عشر من مايو 1970، مرورا بتنكر النظام السوري للعراق في حربه التي خاضها مع إيران ووقوفه مع إيران تحت مبررات غير مقنعة ثم بعد ذلك غزو العراق الكويت عام 1990 والانشقاق العربي الذي أعقب ذلك والحرب التي خاضها الغرب ومعه دول عربية كثيرة ضد العراق حتى توج ذلك كله باحتلاله عام 2003.

كل تلك الأزمات وربما النكبات أصيبت بها القومية العربية، ليس لذاتها أو مكونها، ولكن للقابعين تحت مظلتها، الذين لا يؤمنون بها بل يناهضونها العداء ويبحثون عن مبررات لشن الحروب عليها، فقد شن الغرب هجمات متتالية على الأمة وجعلها كالإناء الذي يغلي من الداخل وتتضارب جزيئاته مع بعضها وكأنها في صراع داخلي، ولكن مع ذلك لا نرى أن كل ذلك أنهى هذه الفكرة أو هذه المبادئ بدليل استمرار أعدائها في مقاتلتها عن طريق عناصرها التي تأتمر بأمرها، والدليل الآخر هو المكون الحقيقي لهذه الأمة والذي مازال مرتبطا ببعضه ومناصرا لبعضه متجاوزا كل ما حدث وموقنا أن كل تلك الأحداث ليست بسبب هذه الفكرة ولكن بسبب الأعداء.

لم تكن الفكرة القومية – ونعني بها هنا العربية - في يوم من الأيام دعوة عنصرية كما يريد البعض تصويرها، وهي في نفس الوقت لم تكن دعوة لا دينية كما يريد أعداء الأمة تصويرها ومازالوا يوقدون النار لإحراقها بهذا التصوير مع أنهم يحرقون الأمة بما يفعلون ولا يحرقون المبدأ أو الفكرة، بل هي فكرة توحيد للعنصر العربي وتقوية له وتسامح مع المكونات الأخرى بعيدا عن نبذها أو الحرب معها، والدليل على ما نقول هو كيفية الوجود لهذه المكونات في فترة المد القومي العروبي وكيفية وجودهم في الوقت الراهن وتحت الأفكار والمبادئ المناهضة للفكرة القومية.

من يتكلم عن نهاية الفكرة القومية نوعان، الأول هو المعادي لها والعامل على تقويضها منذ زمن وهذا النوع لا يستحق عناء المخاطبة كونه يملك فكرا جامدا لا يقبل الحوار، بل هو قالب للحقائق مغير لها، أما النوع الثاني فهو ربما يكون من المؤمنين بهذه الفكرة ولكنه اهتز للأحداث الأخيرة وتأثر بها وبما يقوله أعداء الأمة، وهذا النوع موجود في كل الأفكار والمبادئ وهو يتسم بنوع من قصر النفس وعدم القدرة على الدفاع عما يؤمن به ويتأثر بسهولة غريبة بما يسمع ويشاهد دون محاولة الفهم والبحث والتحليل والمقارنة، وهذا النوع هو من يستحق الحديث أكثر من النوع الأول... والله أعلم.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية