الهجوم الإرهابي الذي تعرض له مركز الإصلاح والتأهيل (سجن جو) هو عمل من أعمال الحرب، يراد منه تهديد أمن البحرين وضرب استقرارها عبر عملية مسلحة هي الأولى من نوعها التي تستهدف مؤسسة عقابية في المملكة. وكان أمرًا منطقيًا أن توجه وزارة الداخلية أصابع الاتهام إلى طهران بالارتباط بالعملية الإرهابية بعدما بثته وسائل إعلام إيرانية عقب الحادث مباشرة.

الحادثة، التي فقدت البحرين على إثرها واحدًا من أبنائها الأبرار هو شهيد الواجب عبدالسلام اليافعي، تحمل في طياتها دروسًا كثيرة، لعل أهمها تأكيد ضرورة تعاون المجتمع بكل مكوناته وفئاته مع الأجهزة الأمنية في جهود مكافحة الإرهاب.

اليافعي وكل شهداء الواجب الذين قدموا حياتهم فداءً للبحرين هم نماذج مضيئة ينبغي أن يقتدي بها كل من يعيش فوق تراب هذا البلد مواطناً  أو مقيماً ، فهؤلاء الشهداء أكدوا للعالم أن في البحرين رجالاً يبذلون أرواحهم دفاعًا عن أمن بلدهم، وحفاظًا على سيادته ومقدراته.

العاملون بالعسكرية من جنود ورجال أمن يدركون جيدًا معنى وقيمة الدفاع عن الوطن، ويتناوبون على خدمة الحراسة في أصعب الظروف، ولا يشكون من برد الليل القارس ولا شمس الظهيرة الحارقة، ويفعلون ذلك بكل تفان وإخلاص، ولا ينتظرون أن يشكرهم على ذلك أحد.

هذا العطاء الكبير الذي يقدمه رجال الأمن الذين يسهرون على سلامتنا وحمايتنا لابد أن يقابل بتعاون وتفهم كاملين من الجميع، فأمام متطلبات الأمن والأمان تتضاءل قيمة وأهمية الأشياء الأخرى، كالسلاسة المرورية والوقت الضائع في الانتظار عند نقاط التفتيش، كل شيء يهون في سبيل أمن البلد واستقراره.

في كل بلدان العالم، بعد أي حادث بهذا الحجم من الطبيعي أن تتم مراجعات وتتخذ قرارات لمعالجة نقاط الخلل. فمن يتابع الإعلام الأميركي بعد حادث إطلاق النار في مطار فورت لودرديل بولاية فلوريدا الأميركية يوم الجمعة سيجد نقاشًا موسعًا حول إجراءات نقل الأسلحة في المطارات الأميركية وضرورة مراجعتها؛ تلافيا لتكرار هكذا هجوم.

البحرين، رغم كل ما تواجهه من تحديات، ستظل عصية أمام كل محاولات العبث بأمنها واستقرارها، ولن يزيدها هذا العمل الإرهابي إلا إصرارا على مواصلة مسيرة التطور والازدهار. التجربة بقدر ما هي صعبة، ستكون بإذن الله مفيدة، وكما قال غاندي: “أوقية من الخبرة تساوي أكثر من طن من الوعظ”.