العدد 2802
الخميس 16 يونيو 2016
banner
رؤيا مغايرة فاتن حمزة
فاتن حمزة
حظر الوفاق لا يغني عن تجفيف المنابع
الخميس 16 يونيو 2016

لا شك أن قرار المحكمة الإدارية بوقف جمعية الوفاق وإغلاق مقارها بشكل كامل، يثلج الصدور، ولكن القضية تتخطى مسألة اختزال الوفاق في مبنى معلق عليه لوحة تحمل اسمها، أو بعض المكاتب والطاولات والكراسي.
نحن أمام منهج متكامل ورؤية واضحة المعالم بعيدة النظر، لا تستبعد من حساباتها قرارا كهذا الأخير، بل وأبعد منه، فالمقر ليس سوى واجهة شكلية.
الوفاقيون لا يحتاجون إلى مقرات، فالأعضاء المسجلون فيها ومن ورائهم آخرون هواهم مع الوفاق، لم يزوروا مقر الجميعة ولا فروعها في حياتهم، ولعل الكثير منهم لا يعرف مواقعها، لعلمهم أن مبنى الجمعية ليس إلا مقرا لتصريف الأعمال الإدارية في الغالب.
هذه القرارات يجب الثبات عليها والحذر مما وراءها، وغلق الآذان عن نعيق الخارج وتدخلاته المعهودة في شؤوننا.
لا ينبغي لنا أن نغفل عن ردات فعل تعقبها موجات من التعاطف تحول معها البيوت إلى مقار يصعب أمر مراقبتها، تماماً كما حصل في الجزائر عندما منعت الإسلاميين من العمل في وضح النهار وحظرت نشاطهم، فتحولوا للنشاط السري فعملوا على استقطاب المؤيدين وتحقيق نجاح في الانتخابات التشريعية عام 1991م.
الوفاق أشبه بنبتة يجب أن تجُتث من جذورها إذا أردنا ضمان استئصالها من المجتمع، بل يجب أن نتعامل معها بمحاسبات جادة عن الجرائم الإرهابية التي تقودها، يجب أن نستأصل جذورها الضاربة في عمق الزمن والمتمكنة في نفوس أتباعها.
غلق الوفاق خطوة في الطريق الصحيح، ونحن بحاجة اليوم لمحاسبات حازمة تجفف منابع الشر والعنف وتحد من خطورة التنظيمات الطائفية الممنهجة المحرضة على النظام والخروج على القانون، نحن بحاجة لأمن واستقرار وراحة بال، نحن بحاجة لإعادة رسم مقاييس الوطنية بتطهير داخلي فاعل، تطهير يعز الصالح ويزيح الطالح فقد آن الأوان لتلقين الدروس وتحصين المجتمع من شرور تستنزف خيراتنا وإمكاناتنا واستقرارنا.
إن ما يلوح في الأفق بعد قرارات اليوم يبشر بالخير، قرارات حكيمة تكسر أنوفا متمردة وتخرس ألسنة ملوثة لطالما اكتوينا منها وذقنا المر من وراء الصمت عن تجاوزاتها.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .