العدد 2801
الأربعاء 15 يونيو 2016
banner
ما وراء الحقيقة د. طارق آل شيخان الشمري
د. طارق آل شيخان الشمري
الابتزاز السياسي لحقوق الإنسان
الأربعاء 15 يونيو 2016

دائما نؤكد نحن الخليجيون أن الفرق بيننا كمجتمع خليجي وبين الدول الغربية ودول مجلس الأمن الخمس، هو أن مبادئ حقوق الإنسان وقيمها  جزء من شخصيتنا وقيمنا وثقافتنا، ولا يمكن لنا مطلقا وأبدا أن نستغلها لكي نرقص على جثث الضحايا من أجل مصالحنا السياسية. فمبادئ حقوق الإنسان مبادئ وقيم إنسانية نادت بها كل الأديان السماوية منذ قدم الزمان، والمعاهدات والمنظمات الإنسانية والحقوقية في مختلف دول العالم. ولكن الدول الغربية وأيضا الدول الخمس دائمة العضوية بمجلس الأمن، تضع هذه المبادئ الإنسانية وراء ظهورها، إذا ما تعارضت مع مصالحها السياسية والاقتصادية والأمنية.
فجرائم العصابة التي تدير العراق طائفيا وتمارس أبشع الانتهاكات ضد حقوق الإنسان، وباعتراف السياسيين العراقيين أنفسهم، وبتأكيدات منظمات حقوق الإنسان نفسها، لم تحرك ضمائر هذه الدول لأن مصلحتها تتطلب تمزيق العراق وشق الوحدة الوطنية والإسلامية للعراق. وما يمارسه نظام بشار مع حزب الله والحرس الثوري الإيراني، ضد الثورة والإنسان والمرأة والطفل السوري البريء لم تحرك أيضا أي ساكن من قبل هذه الدول لأن مصلحتها تتطلب تمزيق سوريا.
والأمثلة كثيرة على كل الجرائم والانتهاكات الإنسانية ضد الإنسان العربي، والتي لم يتحرك لا الغرب ولا مجلس الأمن لإيقافها. بالمقابل، فإننا نجد الغرب ومجلس الأمن والمنظمات الدولية المسيسة، لا تدخر وسعا في حشد كل جهودها السياسية والإعلامية ضد المجتمع الخليجي، وتتهمه بانتهاك حقوق الإنسان والعمال والمرأة والطفل والأقليات والشواهد كثيرة على ذلك.
وكلنا نذكر الحملة الظالمة التي شنها الغرب ضد قطر بخصوص تنظيمها كأس العالم، والحملة ضد البحرين جراء استخدامها حقها في ملاحقة الإرهابيين الطائفيين، وضد السعودية وتطبيقها عقوبة قتل النفس، وضد الإمارات وتطبيقها قوانين تنظيم العمالة.
ومن أمثلة هذه الهجمات الغربية ضد المجتمع الخليجي، التقرير السنوي للخارجية الأميركية الذي يفتقر المصداقية والموضوعية، ويكيل تهم انتهاكات حقوق الإنسان جزافا ومن دون أدلة واقعية، كونه مبنيا على مصالح السياسة الأميركية، وعلى القيم والمبادئ الغربية، التي لا تتوافق مع ثقافتنا، وتسعى للإخلال بالهوية الإسلامية للمجتمع الخليجي.
ونحن في مجلس العلاقات الخليجية الدولية (كوغر) واجهنا هذه التقارير السنوية للخارجية الأميركية، بالجهر الإعلامي بأن هذه التقارير بخصوص وضع حقوق الإنسان وبالأخص في دول الخليج العربي، نصنفها على أنها فاقدة للمصداقية والموضوعية وغير مستندة على حقائق ووقائع، بل تمت بناء على الفهم الشخصي للموظفين المكلفين بهذا الموضوع. علاوة على أن أغلب ما جاءت به هذه التقارير، هي نفسها التي يرددها عملاء الدول الإقليمية من الخلايا النائمة بالخليج، والمنظمات التي يصنفها المجتمع الخليجي، على أنها إرهابية مثل حزب الله والحشد الشعبي والحوثيين والتيارات الدينية الطائفية العراقية، والذين يتخفون خلف شعارات حقوقية ومطالبات إصلاحية مزيفة.
كما أن التقارير الغربية تجاهلت انتهاكات حقوق الإنسان واستغلال الأطفال والأحداث من قبل هذه التنظيمات. بل وصفت هؤلاء بالمعارضة السلمية التي تطالب بحقها في الإضرار بالمجتمع الخليجي وفرض أجندتها وثقافتها الطائفية التكفيرية. وفي هذا أيضا عدم حيادية، إذ يجب أن يشار لهؤلاء لانتهاكهم حقوق الإنسان، وتحريضهم واستغلالهم النساء والأطفال والأحداث في المواجهات والتصفيات السياسية مع الحكومات الخليجية، لا أن تتم مغازلة هؤلاء المتطرفين وغض الطرف عما يقومون به.
إن من حق أصدقائنا الأميركيين ومن حق أصدقائنا الغربيين، أن يستندوا إلى مرجعيتهم وثقافتهم الغربية في تشخيص قضايا حقوق الإنسان، كما أن لنا كنشطاء بمجال حقوق الإنسان، أن نستند على المرجعية الإسلامية والثقافة الخليجية في نظرتنا لقضايا حقوق الإنسان. ولهذا فإن ما جاءت به هذه التقارير، هو شيء لا يعنينا ولا يهمنا. بل يعنيهم ويهمهم وحدهم فقط. وسنتصدى لأي ابتزاز حقوقي يستخدم حقوق الإنسان لتحقيق مصالحه السياسية من أية جهة كانت. كما يجب على المنظمات والهيئات الحقوقية الخليجية، عدم الالتفات إلى مثل هذه التقارير وإعطائها أدنى أهمية.
بل عليهم وعلينا الاستمرار في تبني قضايا حقوق الإنسان وفق مرجعيتنا، والتصدي لكل من يحاول المساس بكرامة الإنسان وانتهاك حقوق المرأة والطفل. وسوف نقوم بذلك قدر المستطاع نحن في (كوغر) ومن خلال الجمعية الخليجية لحقوق الإنسان بكوغر (جي اتش آر)، وهي إحدى منظمات (كوغر) التي حملت على عاتقها الدفاع عن حقوق الإنسان بالخليج، وفق الثقافة والمرجعية الإسلامية للمجتمع.
 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .