العدد 2743
الإثنين 18 أبريل 2016
banner
وداعًا للبحــرنــة (1)
الإثنين 18 أبريل 2016

هل تتذكرون “مشروع ماكينزي” الذي فجر جدلا واسعا بين أصحاب الأعمال قبل ست سنوات وتم رفضه؟ المشروع كان يهدف – بحسب من اطلقه - لإصلاح سوق العمل كما تم طرحه آنذاك. أمّا الأسباب التي دعتهم لاتخاذ هذا الموقف فإنها تتمثل في الإجراءات والقيود والرسوم المراد تطبيقها عليهم وتبنتها دراسة ماكينزي ضمن مشروع لإعادة هيكلة وإصلاح سوق العمل والبحرنة. ورغم ما زعم بعض المسؤولين حينها من أنّ المشروع المشار إليه يهدف الى اصلاح سوق العمل ويصب لصالح الشركات والمؤسسات الاّ انّ الذي استنتجه اصحاب الأعمال انه يضعف القدرة التنافسية للتاجر البحرينيّ بل انه يجد نفسه في موقف ضعيف.
الذّي أعاد لذاكرتنا هذا المشروع ما خرجت به علينا وزارة التجارة قبل ايام من قرار مفاجئ وصادم بتخفيضها عدد الأنشطة من الف الى 300 فقط وإلغائها التمايز والرتب في الانشطة. اما الهدف غير المباشر وراء القرار فإنه الغاء نظام البحرنة في كل نشاط بشكل مخفض جدا. اما البديل المقترح والمقدم من الوزارة فهو ان تدفع المؤسسة رسوما اضافية على كل عامل قدرها 300 دينار للتأشيرة. وعمدت الوزارة الى الغاء التفريق بين الجنسين في عملية التوظيف بالتنسيق مع وزارة العمل وهيئة تنظيم سوق العمل.
 من جهتها فإنّ وزارة العمل الغت التعهدات للمؤسسات التي تحدد نسبة الوظائف وخففت من شروط التوظيف المحلي، وكان البعض من اصحاب الاعمال يستغل هذا في التوظيف الوهميّ، وتطلب هذا تخيفض نسبة البحرنة في معظم الانشطة، الأخطر في قرار وزارة التجارة انه اعطى القطاع الخاص استقدام عمالة اجنبية دون الحاجة الى بحرنة بشرط دفع رسوم قدرها 300 دينار فقط عن كل تأشيرة عمل اضافية.
 المثير للدهشة هو ما صرّح به جارمو كوتيلين وهو احد الاقتصاديين بمجلس التنمية الاقتصادية بأنّ القرار يعد عاملا لجذب الاستثمارات ويساهم في البحرنة! وخطوة لتحرير السوق. وكان من البديهي جدا ان يفجر قرار بهذا الحجم وهذه الأهمية جدلا واسعا لدى اصحاب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة لأسباب عديدة في مقدمتها انّه كما أشار الى هذا رئيس جمعية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة يشكل خطوة احادية غير موفقة. وكان يجب قبل اصدار قرار يمس مصير شريحة من المجتمع هو التنسيق مع اطراف الانتاج “النقابات ورجال الأعمال الممثلين بغرفة التجارة”.
 وإذا كان للمشروع من إيجابيات فإنها تقتصر فقط على اصحاب المؤسسات الصغيرة جدا التي لا يعمل بها بحرينيون كالمطاعم والمقاولات الثقيلة. غير أنّ المشروع – كما صرّح رئيس تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة – سيصطدم بقوانين بالدولة كالمناقصات التي تؤكد على نسبة البحرنة.
 قد يبدو للبعض انّ الهدف من النظام الجديد إيجاد تسهيلات للمؤسسات الراغبة في تأشيرة عمل سريعة لكنه من الجهة الأخرى التفاف على قانون البحرنة، وحتى الراغبين في تأشيرة سريعة فلم يعد المبلغ متوقفا على 300 دينار فقط بل انهم سيدفعون اضافة عليها 200 دينار اخرى كرسوم اعتيادية و144 دينارا كرسوم تأمين صحيّ وعشرين دينارا شهرياً بدلا من عشرة دنانير للمؤسسات التي يقل عدد عمالها عن خمسة عمال أو أكثر.
 القرار سوف يسهم في زيادة اعداد العاطلين عن العمل وبالأخص للمهن المتخصصة ذلك انّ استقدام عمالة اجنبية ماهرة رخيصة سيكون على حساب العمالة البحرينية في مجال تقنية المعلومات وغيرها.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية