العدد 2730
الثلاثاء 05 أبريل 2016
banner
أحمد عمران
أحمد عمران
“تابعني على سنابي”
الثلاثاء 05 أبريل 2016



أصبح مستخدموا “السناب” يوثقون كل خطوة من خطوات حياتهم اليومية عبر عدسة هواتفهم النقالة منذ الصباح الباكر حتى آخر ساعة يقضونها في المساء، فتراهم من خلال حساباتهم ينشرون صورا ومقاطع تتعلق بهم طوال اليوم من الاستيقاظ من النوم حتى المنام حيث تبدأ كميراتهم بتوثيق وجبات الإفطار ومشاوير الشوارع والأحداث التي يصادفونها ووجبات الغداء والعشاء وأماكن تواجدهم في الأسواق والمطاعم والمنتزهات والحفلات والتجمعات والسفر ومواقف الأطفال والهدايا المقدمة، حتى وصف حالتهم النفسية والإفصاح عن مشاكلهم الداخلية، إذا ماذا بقي من تفاصيل الحياة ولم ينشرها هؤلاء؟
والمتمعن في واقع “السناب شات” وسط المجتمع الخليجي وبالتحديد البحريني تتضح أمامه عدة أمور أولها: التفاخر والتباهي حيث تكاد هذه الصفة تغلب على جزء كبير من مستخدميه مما يعززها في نفوس الناس بشكل غير مباشر، ومن المعروف أن التفاخر صفة مذمومة في القرآن الكريم في قوله تعالى (إن الله لا يحب كل مختال فخور). ثانيا: انعدام الخصوصية إذ لم تعد هناك أية خصوصية عند الأسر فنرى المستخدمين ينقلون كل الأحداث التي تحصل لهم في المنزل وخارجه على هذا البرنامج حيث إن جميع من يعرفهم بإمكانهم الاطلاع على ما ينقلونه وبالتفصيل، متى استيقظوا وماذا أكلوا وماذا شربوا وماذا لبسوا ومتى خرجوا وأين ذهبوا وأين سافروا؟ ثالثا: أصبح الناس في هذا البرنامج منشغلين بمراقبة بعضهم، وتجدهم يحرصون على متابعة كل صورة ومقطع أولا بأول، ومراقبة الناس أمر لا يسمن ولا يغني من جوع بل يجر خلفه العقد والمشاكل النفسية والاجتماعية وكما يقول المثل “من راقب الناس مات هما”.
رابعا: انكشاف الجانب المخفي من شخصية الفرد الذي لا يظهر عليه في المجتمع الخارجي والذي سيجعله بلا شك محطة لكلام الناس والانتقاد اللاذع.
وهذه الأمور السلبية ينجم عنها العديد من المشاكل أبرزها انتشار الغيرة والحسد بين الناس والتي هي من الأسباب الرئيسة لأغلب المشاكل الأسرية في مجتمعنا. وكذلك الانشغال بالسناب أثناء قيادة السيارة مما يسبب الحوادث المرورية لعدم التركيز في السياقة. علاوة على ذلك ضياع وقت لا يستهان به في متابعة يوميات الآخرين، كل هذا على حساب أوقات عملهم أو دراستهم أو الاهتمام بعوائلهم، كلها دقائق ضائعة من العمر لا يجني منها المتابع فائدة مرجوة.
وختاما فإن العيب ليس في البرنامج بل في مستخدميه لذا يجب أن نفكر كيف نستفيد من تفعيل هذا البرنامج بما هو نافع وصالح للمجتمع. فلنتأمل بما قاله نبي الله يعقوب عليه السلام لابنه يوسف عندما قص عليه رؤياه المبشرة له حيث قال «يا بني ﻻ تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدا»، لأن الشيطان قد يزرع الحقد والحسد والغيرة بينهم، هذا بين الإخوة فما بالك بالغريب لهذا ينبغي علينا أن نحفظ أسرارنا وخصوصياتنا وما نملك ونترك التباهي والتفاخر أمام الناس.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .