العدد 972
الإثنين 13 يونيو 2011
banner
معهد البحرين للتنمية السياسية لا يزال موجودًا
السبت 27 أبريل 2024

كنت من أكثر المؤيدين لرحيل المعهد الديمقراطي الأميركي NDI من البحرين خلال الضجة التي أثيرت حول بقائه أو عدم بقائه قبل أعوام، لاعتبارات كثيرة من بينها أننا لا نطمئن كثيرا لعمل المؤسسات الأجنبية في مجالات الفكر والسياسة، خاصة وأن البحرين تعاني أصلا من الطائفية والطائفيين.
وفرحت جدا عندما تم إنشاء معهد التنمية السياسية البحريني كمؤسسة وطنية خالصة يتضح من اسمها أنها ستتولى التنمية السياسية للمجتمع البحريني ضمن منظومة التنمية الشاملة في النواحي الاقتصادية والاجتماعية. وتوقعنا أن يقوم المعهد بدور فعال في مجال التدريب على العمل السياسي والاستعداد لخوض الانتخابات وإعداد الكوادر.
وعندما تم اختيار مفكر حر لإدارة هذا المعهد (الدكتور عبد الله الأشعل) استبشرنا خيرا على اعتبار أن للرجل تاريخا كبيرا في عالم السياسة والتدريب، وبالفعل شعرنا بوجود معهد التنمية السياسية في البحرين من خلال الأنشطة التي تم القيام بها خلال المرحلة الأولى، ما بين ندوات ومحاضرات ودورات تدريبية، وكان من أهم ما تفتق عنه عقل الإدارة الأولى لمعهد التنمية السياسية ما سمي بدبلوم التنمية السياسية.
وفجأة تفجرت الخلافات داخل المعهد وطغى على عمله وعلاقات أعضائه بعضهم ببعض النواحي الأيديولوجية التي تحولت بالتدريج إلى صراعات ومعارك حامية الوطيس وصلت الأمور فيها إلى حد التجريح الشخصي وتشويه السمعة وتهييج فئات او جماعات معينة على شخص بعينه لأسباب غير موضوعية.
ونجحت تلك الحملة الشعواء في النيل من مدير المعهد الدكتور الأشعل وتم إقصاؤه عن المعهد، ورحل عن البحرين، وعندما تم اختيار شخصية بحرينية لشغل هذه الوظيفة شعرنا بالرضا أيضا لأننا من الطبيعي أن ننحاز للبحريني في القيام بأي مهمة طالما توفرت فيه المقومات الأساسية للقيام بها، بالإضافة إلى أن المدير البحريني سيكون لديه الشجاعة والقوة في قيادة العاملين تحت رئاسته، خاصة بعد حالة الاصطفاف التي تسببت في رحيل المدير السابق.
ورغم أن المعهد فقد كثيرا من بريقه وفقد الاهتمام الإعلامي بدوره وأنشطته بعد رحيل مديره الأول إلا أن أنشطة المعهد التي تمت صياغتها استمرت خلال عمل المدير الجديد، وقلنا إن المعهد لن يحقق المطلوب منه في يوم وليلة وإن التثقيف مسألة تراكمية وإن المعهد سيتضح دوره وأهميته بالتدريج.
ولكن جاءت الطامة الكبرى عندما امتلأت الصحف البحرينية بأخبار الاختلاس وخراب الذمم التي حدثت في المعهد الذي يفترض ان يكون العاملون به من أصحاب الفكر البعيدين عن التردي الأخلاقي.
ورغم أن التصرف المشين يسيء لصاحبه ولا يسيء للجميع إلا أن المعهد - بعد هذه الصدمة- تحول بالتدريج إلى مؤسسة روتينية تفتقر إلى الإبداع، بل تفتقد إلى الروح، وكنا قد نسينا وجوده لولا الحديث الصحفي للدكتورة لولوة العوضي الذي قرأناه قبل أيام قليلة، والذي وصفت فيه أداء هذا المعهد بأنه “خافت”، وهو لفظ مهذب جدا من وجهة نظري، لأن المعهد قد تلاشى تقريبا ولم يعد له وجود، فحتى خلال الأزمة التي ألمت بالبحرين أخيرا لم نر له أثرا أو نشاطا، وكأنه يتفرج فقط على ما يجري!

 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .