العدد 1048
الأحد 28 أغسطس 2011
banner
غضب شعبي مصري من الدولة الصهيونية
السبت 27 أبريل 2024


قبل عشرة أيام قامت قوات صهيونية على الحدود المصرية بإطلاق النار على ستة من الجنود المصريين فقتلتهم جميعا، وعلى إثر ذلك حدثت حالة من الغليان الشعبي المصري ضد الدولة الصهيونية، وحدثت احتجاجات كبيرة في القاهرة وغيرها من المدن وصلت إلى تجمع حشود كبيرة أمام السفارة الصهيونية في القاهرة وقيامها برشقها بالحجارة وإطلاق ألعاب نارية لتخويف الموجودين بداخلها. ودفع الحماس الشديد أحد الشباب المصريين إلى تسلق المبنى الذي يحوي هذه السفارة حتى الطابق الحادي عشر ليقوم بتمزيق العلم الصهيوني ووضع العلم المصري بدلا، وهو تصرف يكشف مدى الغليان الشعبي المصري ضد الدولة الصهيونية، ويشير إلى أن مستقبل العلاقات المصرية الصهيونية سيكون مختلفا إذا ما أخذت الحكومة المصرية مشاعر المواطنين ومطالبهم في الاعتبار فيما يتعلق ببقاء هذه العلاقات من عدمه.
هذا الغضب الشعبي المصري لم يواجه سوى بغطرسة إسرائيلية وتصريحات أكثر استفزازا وإهانة، في ظل موقف مصري دبلوماسي وإعلامي بعيدا كل البعد عن هذا الغضب الشعبي، وهو ما أدى إلى تطور الأمور وانخراط قوى شعبية وسياسية في مظاهرة مليونية يوم الجمعة الماضي للمطالبة بطرد السفير الإسرائيلي من القاهرة.
والحقيقة أن حوادث إطلاق النار من قبل القوات الصهيونية على جنود مصريين تكررت مرارا على الحدود، خاصة خلال حكم النظام السابق وتم أيضا إسكات أصوات المحتجين في كل مرة من قبل جهات الأمن، ولكن الكيل قد فاض بأحرار مصر هذه المرة بسبب الإهانة التي طالما شعروا بها في كل مرة يسقط فيها أبناؤهم على الحدود، خاصة أن مصر حاليا تعيش حالة أخرى بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير.
في ظل الحالة المصرية الجديدة استجابت الحكومة المصرية والمجلس العسكري لكل المطالب الشعبية على كثرتها فيما يتعلق بالقضايا السياسية والاجتماعية الداخلية، بما فيها المسارعة بمحاكمة أركان النظام السابق وفي مقدمتهم الرئيس حسني مبارك، فإلى أي مدى يمكن ان يستجيب القائمين على الأمر في مصر خلال هذه المرحلة الحساسة للمطالب الشعبية المتزايدة فيما يتعلق بالعلاقات مع الدولة الصهيونية؟ لا شك ان الإجابة على سؤال كهذا غاية في الصعوبة فمصر حاليا ليست على استعداد لتحمل تبعات أي صدام مع أحد بسبب أوضاعها الداخلية التي تحتاج إلى وقت وجهد ومال لكي تتجاوزها.
ولاشك أيضا أن القائمين على الحكم في مصر في هذه المرحلة الانتقالية يعيشون بين نارين فيما يتعلق بمطالبات الملايين الشاعرين بالإهانة بضرورة قطع العلاقات مع الدولة الصهيونية وطرد سفيرها من القاهرة، وبين تقديرهم للموقف ومتطلباته في ظل غطرسة إسرائيلية ترفض مجرد الاعتذار عما ارتكبته الأيدي الأثمة لجنودها.
ولكن على الرغم من صعوبة الموقف بالنسبة للحكومة المصرية، إلا أنه بالإمكان إرضاء هذه العواطف الملتهبة بإبداء موقف دبلوماسي وإعلامي أكثر سخونة، بدلا من هذا التعامل البارد مع الحدث، لكي يثبت القائمون على الأمر لأبناء شعبهم الغاضبين أنهم أيضا غاضبون مثلهم وأن دماء المصريين لن تضيع هدرا كما ضاعت مرارا خلال العهد البائد.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية