العدد 5644
الخميس 28 مارس 2024
banner
كمال الذيب
كمال الذيب
ذر الرماد في العيون!
الخميس 28 مارس 2024


تعقيبا على المقالة السابقة (دولة بلا أرض ولا سماء ولا سيادة)، أرسل لي صديق تعقيبا مختصره: "حتى هذه الدولة الهلامية منزوعة السيادة والسلاح، وناقصة الهوية، والخاضعة بالكامل للاحتلال، لن تقبل بها إسرائيل، لأن كل "فلسطيني" هو مخيف بالنسبة لهم، لذلك يأتي الحديث عن الدولة اليهودية الخالصة لتصفية أي مشروع لحل الدولتين أو التعايش بين الشعبين. فلا يغرنك الحديث عن حل الدولتين، فهو ذر للرماد في العيون، ومن كثرة هذا الرماد فإن عيون بعضنا لم تعد تبصر الواقع". كتبت للصديق معلقا: "أتفق معك فيما ذهبت إليه، ولا أرى خلافا بيننا في التوصيف. فإسرائيل ترفض أن تكون لـ (صاحب الأرض) أرضٌ يستقل بها، لأنها واقعة تحت تأثير شعار: "ما كان سوف يكون" اختزالا لحالة الوهم التي يعيشها الاحتلال وسردياته في أجواء الرعب الدائم المعبر عنه بمفهوم (يهودية الدولة).. والسؤال: لماذا هذا الإصرار على يهودية الدولة بالرغم من المفارقة بين الادعاء بوجود دولة مدنية – ديمقراطية حداثية (كامتداد للثقافة الغربية) وبين الأخذ بمفهوم يهودية الدولة!؟ إن مصطلح الدولة اليهودية يعكس توجها إسرائيليا لطرد السكان الأصليين من أبناء فلسطين من وطنهم للحفاظ على نقاء الدولة اليهودية، يستوي في ذلك فلسطينيو 1967م وفلسطينيو 1948م.
لقد اكتشفت إسرائيل أن تعميم شعار يهودية الدولة هو الأنجع لإنهاء حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى وطنهم، وتصفية الأساس القانوني لهذا الحق. كما أنها تعتبر يهود العالم – بمن فيهم العلمانيون واللادينيون – الخزان البشري الذي لا ينضب لتحقيق أهدافها التوسعية في البقاء والاستمرار وحمايتها من الطوفان الديموغرافي الفلسطيني. إن نظرية يهودية الدولة ليست جديدة، بل تعود إلى محاضر أوائل المؤسسين، من خلال ما أسماه هرتسل بضرورة القضاء على "البربرية العربية - الإسلامية"، وهو بالضبط ما يطلق عليه نتنياهو وقادة إسرائيل الجدد (القضاء على الإرهاب الفلسطيني). وبذلك يجري تحويل إسرائيل إلى كيان يتجه نحو المستحيل على الصعيدين السياسي والعسكري، بما يعني اتجاهه بأفقه الحالي إلى نوع من الانتحار الذاتي. ولذلك فالسبيل الوحيد لإنقاذه من نفسه، هو الاتجاه نحو السلام الذي لن يتحقق من دون حصول الفلسطينيين على حقوقهم كاملة غير منقوصة.

كاتب وإعلامي بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .