+A
A-

اتهامات جزافية على القضاء ومساس بشخصيات وطنية

- الأوقاف تدعي ملكية الوقفيات وتعطي لنفسها صلاحيات الحاكم الشرعي

- السؤال يبحث عن إجابة: هل ستطبق الأوقاف الأحكام القضائية النافذة؟

- اتهام المدني باستلام 198 ألف دينار تهمة جزافية رفضتها المحكمة المدنية

- الأوقاف تعيد نشر مرافعاتها القضائية بعد رفضها من القضاء

في قراءة فاحصة للرد الذي أرسلته إدارة الأوقاف الجعفرية يوم الأربعاء الماضي بتاريخ 6 مارس 2019 بشأن ما نشرته البلاد عن مصلى العيد في جبلة حبشي، والذي وصفته الأوقاف بأنه انطوى على الكثير من المغالطات والافتراءات، نكتب هذا التقرير إحقاقًا للحق، وإنصافًا للحقيقة، وتمسكًا بدور الصحافة الأصيل في الرقابة وكشف الحقائق؛ وفاءً وخدمةً لوطننا العزيز وقيادته الرشيدة التي تحرص على دعم الصحافة في أداء رسالتها النبيلة.
والحقيقة، فإن رد إدارة الأوقاف الجعفرية قد تضمن سيلا من الادعاءات والاتهامات الملقاة جزافًا؛ بغرض التشويه وتعويم القضايا، نوجزها فيما يأتي من نقاط:
أولا- ادعت إدارة الأوقاف ملكيتها وحيازتها الوقفيات بحجة كونها من تتقدم بطلب استملاكها، وهذه مغالطة واضحة، فهي تتقدم بطلب استملاك الوقفيات كجزء اعتيادي وطبيعي من عملها كجهة إشرافية رسمية، وليس لكونها مالكة لتلك الوقفيات.
ثانيا- ادعت الأوقاف في بيان الرد أن لها صلاحية القضاء والحاكمية الشرعية على شؤون الأوقاف في تجاوز خطير لصلاحياتها وحدود عملها، بل في تحدٍّ لما قرره الدستور من مبدأ الفصل بين السلطات، فنجد في بيانها عبارة عن مصلى العيد أن (لها الأمر في الفصل فيه دون منازع)، وعبارة: (فهي الحاكم الشرعي ولها إدارة الوقف).
ثالثا- يلفت الانتباه في بيان الرد الذي أرسلته الأوقاف أنه تضمن نصوص مرافعات قضائية قدَّمتها الأوقاف نفسها أمام المحاكم، ولم يأخذ بها القضاء البحريني في أحكامه، ولم يعترف بها، وذلك يعد تصرفًا غريبًا أن يصدر من جهة رسمية بأن تعيد نشر ما رفضه القضاء البحريني.
رابعا- تضمن الرد تطاولا لا يليق ولا يمكن القبول به أو تأسيسه لأشخاص لهم مكانتهم واحترامهم في هذا الوطن، فالشيخ محمد طاهر المدني هو نجل إحدى الشخصيات البارزة في تاريخ البحرين الحديث، وهو المرحوم الشيخ سليمان المدني، وهو إمام للجمعة والجماعة، وقد نال ثقة جلالة الملك بتعيينه قاضيًا شرعيًّا، وعضوًا في اللجنة الشرعية لمراجعة قانون أحكام الأسرة، وعضوًا في المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية لدورتين متتاليتين، فلا يمكن القبول بوصفه بعبارات غير لائقة من قبيل (المدعو).
خامسا- تضمن رد الأوقاف الجعفرية ردًّا صريحًا على حكم نهائي وبات صادرا من القضاء الشرعي في الدعوى رقم (14/2017/01894/6) بتعيين فضيلة الشيخ محمد طاهر سليمان الشيخ محمد علي المدني متوليًا شرعيًّا منفردًا على مصلى العيد الكائن في جبلة حبشي من المنامة ذي الوثيقة رقم 155/1969 مقدمة رقم 1901/1967، والأوقاف التابعة له التي لا ولي لها، والمؤيَّد بحكم محكمة الاستئناف العليا الشرعية رقم (15/2018/00253/6) بتاريخ 15 مايو 2018، وبحكم محكمة التمييز رقم (4/00056/2018/16) بتاريخ 19 ديسمبر 2018.
سادسا- ادعت الأوقاف أن محكمة التمييز قد وافقت على طلب إدارة الأوقاف الجعفرية بوقف تنفيذ الحكم الشرعي بتولية الشيخ محمد طاهر المدني على مصلى العيد، وهو ادعاء يخالف الحقيقة تمامًا، إذ إن محكمة التمييز قد قضت بتاريخ 19 ديسمبر 2018 بعدم قبول الطعن الذي تقدمت به الأوقاف.
سابعا- ادعت الأوقاف الجعفرية أن الشيخ محمد طاهر المدني قام بتأجير مصلى العيد وأنه قام باستلام 1500 دينار شهريًّا عن ذلك على مدى 11 سنة بمبلغ يقارب مجموعه 198 ألف دينار، وهي دعوى دون دليل، وتهمة جزافية دون بينة، وقد رفضتها المحكمة المدنية لكونها جزافية، فقد جاء في حكم المحكمة المدنية الكبرى في القضية رقم (02/2017/19968/3) الصادر بتاريخ 28 فبراير 2018 ما يأتي: (لما كانت أوراق الدعوى قد خلت مما يفيد وثيقة ملكية المصلى للمدعية (إدارة الأوقاف الجعفرية)، كما خلت مما يفيد استيلاء المدعى عليه (الشيخ محمد طاهر المدني) وتأجيره بمبلغ 1500 دينار شهريًّا، ولم تقدم المستندات الدالة على ذلك، الأمر الذي تكون معه قد عجزت عن إثبات دعواها، مما يتعين معه والحال كذلك القضاء برفض الدعوى)، وعليه فقد حكمت المحكمة برفض هذه الدعوى، في حين نجد بيان الأوقاف يعيد نشر اتهاماته في الصحافة تحديًا للأحكام القضائية.
ثامنا- أوردت إدارة الأوقاف الجعفرية كلامًا غريبًا في ردها، حيث قالت: فالحقيقة والواقع أنه لا يوجد أي وقف شرعي في الأرض المذكورة (مصلى العيد) [...] إنما هي أرض مستملكة بطلب من إدارة الأوقاف وتعود بحسب الوثيقة إلى العام 1969، وهذا ادعاء غريب يخالف نص وثيقة الأرض أساسًا، والتي تشير إلى ما رسمه جهاز المساحة والتسجيل العقاري بتسجيل الأرض المسماة مصلى العيد الكائنة في جبلة حبشي من المنامة وقفًا على صلاة الأعياد.
تاسعا- أشارت إدارة الأوقاف الجعفرية في ردها أنها أبرمت عقدًا لتأجير مصلى العيد، وأنها تواصلت مع أهالي منطقة جبلة حبشي واتفقت معهم على صرف دخل الصالة على المحتاجين من أبناء المنطقة، ولا يخفى ما في ذلك من استمالة للعواطف والمواقف ليس أكثر، وإن مثل هذا التصرف في الأساس يحتاج إذنا شرعيا للتصرف في أموال الوقف لا أن يكون لشراء المواقف بهذه الطريقة.
وعليه، فإننا نجد أن إدارة الأوقاف الجعفرية قد أكدت لنا وبلسانها هذه المرة أنها تتحدى الأحكام القضائية ولا تحترمها ولا تحترم مبدأ الفصل بين السلطات، بل إنها ترى نفسها (الحاكم الشرعي) كما وصفت نفسها، وأن (لها الفصل دون منازع)، مما يصيب ميزان العدالة في مقتل، حيث يكون الخصم حكمًا، وبعيدًا عن هذا وذاك يبقى السؤال الذي لم يجد إجابة من إدارة الأوقاف عليه، هل ستنفذ الأحكام القضائية أم لا؟!