+A
A-

رياض البيرمي... ممارسة المقاولات منذ نعومة الأظفار

يدرب موظفي شركاته لأجل صقل مهاراتهم

يؤمن بمقولة “لا حياة مع اليأس ولا يأس مع الحياة”

في حال تعرض أحد الأنشطة لكساد ندعمه بآخر رديف

الحكومة على مستوى عالٍ من المسؤولية وتقف دائما مع المواطن

ظروف السوق علمتنا تنويع الأنشطة

 

يؤمن بمقولة لا حياة مع اليأس ولا يأس مع الحياة، ويضع دائمًا نصب عينيه الأمل، ويعمل واثقا بأن كل شيء بيد الخالق عزّ وجلّ. امتهنت عائلة البيرمي الفلاحة وتجارة الخضراوات والفواكه، إذ كانت مهنة أسلاف العائلة منذ القدم، بيْد أن والد ضيفنا انخرط في السبعينات بممارسة تجارة المقاولات حتى أواخر التسعينات. عمل ضيفنا، الذي ولد في قرية بوري، مع والده في تجارة المقاولات منذ نعومة أظفاره، وأصر على مواصلة العمل في نفس المجال، إذ أسس عمله الخاص في العام 2000. وتوسع في أنشطته حتى دخل أخيرًا في العام 2010 مجال السفر والسياحة. “البلاد” التقت رجل الأعمال رياض أحمد البيرمي، رئيس مجلس إدارة مجموعة شركات (مدينة الخليج للأعمار، مدينة الخليج للتطوير، شركة الرياض للنقليات، شركة الرياض للسفر والسياحة، وشركة مجموعة “البيرمي للتجارة والمقاولات)، وفيما يلي نص اللقاء:

نشأت وترعرعت في قرية بوري. وعائلتي تعمل أساسا في مجال الفلاحة وتجارة الخضراوات والفواكه مواصلةً لمهنة الآباء والأجداد، إلى أن امتهن الوالد مهنة المقاولات ودخل هذا المجال بحكم أنه كان يعمل في ميناء سلمان، ودرس حتى إحدى المراحل الدراسية، وكان وقتها المحظوظ من يكون متعلمًا.

عمل الوالد منذ السبعينات في مجال المقاولات، إلى أن توقف عن هذا النشاط في نهاية التسعينات، وأصرينا على مواصلة المجال نفسه. فمنذ كنت ملتحقا بالمرحلة الابتدائية مارست العمل إلى جانب الوالد وإخواني، وهذا الأمر منحنا خبرة أكثر؛ نظرًا لكوننا ندرس نظريا ونطبق عمليا في نفس الوقت، مما مثلّ أكبر درسًا لي، إذ تعلمت معنى العمل والنجاح والتحقيق، وكيفية تكوين وتأسيس المشاريع منذ نعومة أظافري، فأدركت قيمة العمل منذ الصغر وتقدير العمل وتكريم العاملين المجدين؛ لأننا عملنا في يوم مثلهم وعرفنا قيمة التعب والعرق.

شهادات محلية وعالمية

درست حتى السنة الجامعية الأولى، لكن لظروف خارجة عن إرادتي توقفت ولم أستطع الإكمال. ثم درست تخصص إدارة أعمال في معاهد خاصة، وحصلت على الكثير من الشهادات في ريادة الأعمال والقيادة والمحاسبة من معاهد داخل البحرين وأخرى عالمية في أميركا وبريطانيا، وهي مصدقة، وكانت آخر الشهادات التي حصلت عليها في بريطانيا من معهد المعلم.

لم أتوقف عن التعليم أو التدريس وحاليًا أدرس الموظفين لدي بالشركة بدءًا من أصغر موظف إلى أكبرهم، إما بإدخالهم في دورات خاصة على حساب الشركة أو دورات مدعومة من “تمكين” وعلى حساب الصندوق أو دورات مدعومة من وزارة العمل والتنمية الاجتماعية.

كما أنني أعطي دورات، ولدي مركز تدريب على مستوى بسيط داخل الشركة يقدم خدمات جيدة للموظفين، وأدرب فيه الموظفين البحرينيين والأجانب؛ لصقل مهاراتهم وتنمية قدراتهم وترغيبهم في العمل أكثر، وبدأت التدريب بالمركز منذ حوالي عام واحد إلى عام ونصف.

انطلاق “البزنس” الخاص

بدأت العمل في مشروعي الخاص في العام 2000، إذ أسست أول شركة بمجال المقاولات، والتخليص الجمركي، والشحن والتفريغ. عملت على بلورة أفكار جديدة ولم نعمل بأعمال تقليدية، إذ استخدمنا في مجال المقاولات كل التقنيات الحديثة والأدوات الجديدة والأساليب الهندسية المتطورة، وبطرق خلاقة، إذ تمكنا بفضل الله تعالى من التدرج في الأعمال، إذ بدأنا العمل في مجال المقاولات والشحن والتفريغ، ثم تجارة بيع مواد البناء وتأجير المعدات، بعد ذلك طورنا العمل أكثر في مجال النقليات، ثم مجال السفر والسياحة، والآن لدي مجموعة كبيرة من الأنشطة.

الظروف التي عصفت ببعض القطاعات في السوق علمتنا تنويع الأنشطة ولا نركز على نشاط اقتصادي معين. العمل بني على أسس صحيحة، لكن أنشطة مثل المقاولات تعرضت لأزمات عالمية مثل تلك التي حدثت العام 2008، وفي السنوات التي تلتها مرت البحرين بالأحداث المؤسفة، إضافة إلى أزمات مثل شح مواد البناء أحيانًا وأزمة المحجر الحكومي، كما أن قطاع المقاولات تعرض لأزمات عدة منذ تاريخ بدء أول نشاط مقاولات ولحد اليوم، ولذا ارتأيت عدم التركيز على نشاط واحد وأن أطور، فبدأت بتطوير أنشطة رديفة، ليست بعيدة كل البعد عن مجالي الأساسي، فمثلا عملت في مجال المقاولات إذ أضفت إليه مواد البناء وتأجير المعدات، بعد ذلك الشحن والتفريغ، ثم النقليات، وكلها أنشطة قريبة إلى بعضها البعض، وصولا إلى أنشطة السنوات الأخيرة، ففي العام 2010 دخلت مجال السفر والسياحة.

تنويع الأنشطة

التنويع في أنشطة الأعمال ساعدني كثيرًا، إذ إن جميع الأنشطة أركز عليها وأديرها إدارة متكافئة وعلى مستوى عالٍ، لكن عندما يتعرض أي نشاط لكساد أو بطء في النمو نحاول دعمه بكل ما أوتينا من قوة وإمكانات وفي نفس الوقت نعوض عليه بالأنشطة الثانية التي بداخل النشاط نفسه، أي أن النشاط نفسه يتم مساعدته بالأنشطة الرديفة التي بجانبه، فمثلا عندما تتعرض مواد البناء أحيانًا إلى بطء أو خلل ما فإننا نعوض عليه بالأنشطة التي بجانبه، مثلا نضاعف عملنا في توفير المعدات وتأجير المعدات، وكذلك نضاعف العمل في مجال المقاولات والأعمال التي تتطلب عمالة مهرة.

فكل كفة في النشاط الاقتصادي تخدم الكفة الثانية في ذات القطاع، وهذا الشيء لا يقتصر علينا في البحرين فقط، بل ايضا في البلدان الأخرى. وقد يتساءل البعض عن سبب تنويعي في الأنشطة وهذا الكم الهائل منها، فأجيب أنني قمت بتأسيس مجموعتي وتدرجت فيها عتبة عتبة، ولم أقفز مرة واحدة.

استفدت من تطور أداء الحكومة من ناحية تقديم الخدمات والقفزة التي حصلت في 2000 عندما تولى جلالة الملك مقاليد الحكم في البلاد، وأصدر ميثاق العمل الوطني، وساهم في تنمية الاقتصاد الوطني، مما أحدث قفزة في البحرين التي كانت تسير بشكل متباطئ، فعادت البحرين لمركزها الذي كانت عليه في الستينات والسبعينات عندما كانت تعتبر بوابة الخليج ومركز الاقتصاد الخليجي، (...) منذ تسلم جلالة الملك مقاليد الحكم فإنها نعمة بالنسبة لنا وفرصة ثمينة تمكنا خلالها من تطوير أعمالنا، إذ عملنا بوتيرة متسارعة، فلا ننتهي من مشروع حتى ندخل في مشروع آخر، كما نجهز لافتتاح نشاط جديد بعد فتح النشاط الأول، وهذه الأمور جميعها ساهمت في تنمية الاقتصاد وعملنا خصوصا، والذي انعكس عمومًا على البحرين وعلى التجار خصوصا. فعندما نضع البلد ومصلحته نصب أعيننا فإننا بالتأكيد سنبدع ونعطي أكثر.

“البزنس” بخير

عندما بدأت “البزنس” كانت الفرص متاحة والاقتصاد في أعلى مستواه، وهذا جعلنا ننتعش وفي نفس الوقت نعمل مع توفر المساحة وحرية العمل والحرية الاقتصادية، بالإضافة إلى المميزات التي جعلتنا نتمكن من تحقيق موقع ريادي إلى اليوم، فالأزمات التي حصلت كانت عالمية وليست محلية، (...) البحرين جزء من العالم وتتأثر عندما يتأثر العالم بأي شيء، ولولا موقعها الجغرافي المميز في خارطة العالم لما تأثرت كل هذا التأثير، فعندما يمر العالم بطفرة ما فإن البحرين أول من تستقبل هذا الأمر، وكذلك الأمر عندما يمر العالم بأزمة لا قدر الله فإنها أول المتأثرين.

نحن كتجار نعتبر أنفسنا في سفينة على عرض البحر، فإما تبحر هذه السفينة على وئام وخير وإما أن تتعرض لعواصف لذلك أنصح كل التجار بأن دائمًا يتأقلمون مع الأزمات التي نمر بها، وهي تعتبر من العوامل الطبيعية التي تحصل في أي بلد وأي بيت وأي بيئة عمل، وفي كل بيئة عمل يحدث هذا الأمر.

ما نراه اليوم عندما يحدث ركود في السوق الناس تتحدث بشكل فضفاض كما أن وسائل التواصل الاجتماعي “السوشل ميديا” تساهم في تأجيج الموضوع وأن الوضع الاقتصادي سيئ.

بالنسبة لي أضع اليأس دائمًا وراء ظهري، فأنا أؤمن بمقولة “لا حياة مع اليأس ولا يأس مع الحياة”، وأضع دائمًا الأمل نصب عيني وأمامي وأتوكل في شيء على الله، فالشخص إذا اجتهد وبتوفيق من رب العالمين فإنه سيصل، لكنه إذا وضع اليأس أمامه ولم يعمل ويجتهد فإنه لن ينتج. (...) اليوم ولله الحمد الجهات الرسمية جميعها تتفهم الظروف، والقيادة السياسية تستمع إلينا، وتقف على مستوى الجرح. فعلى سبيل المثال عندما صدر قرار رفع رسوم السجلات التجارية فإن سمو رئيس الوزراء وجه فورًا بإيقاف العمل بالقرار وتأجيل الموضوع إلى حين الاستشارة فيه، وأوصى أطراف القرار للتناقش في الموضوع وأوقف القرار مرة ومرتين.

كذلك بعض القرارات التي صدرت فيما يتعلق بقطاع النقل والسفر والسياحة والمقاولات الحمدلله الحكومة وقفت معنا، فالحكومة على مستوى عالٍ من المسؤولية وهي دائمًا وأبدًا تقف مع المواطن وفي صف المواطن.

هذا أحد الأمور التي شجعتني على المغامرة والدخول بكل جرأة في تدشين “البزنس” وتنويع الأنشطة التجارية، لأنني مطمئن أن أعمالي في مأمن فلدينا قيادة واعية تنظر إلى الصغير قبل الكبير، وهو ما يشجعنا كمواطنين على العمل واستثمار أموالنا بكل أريحية وأمن وأمان في البلد، و ”البزنس” بخير ولذا يبذل التاجر أكثر وأكثر ويضخ المزيد من الأموال في أعماله.

البحرين تمتلك مقومات وأساسات، وبها خيرات موجودة في باطنها وأرضيتها صلبة، وقوانينها تتواكب مع الأنظمة العالمية، لكنها بحاجة لمن يعمل بجد واجتهاد حتى يحصل في النهاية، (...) نحتاج فقط إلى إبداع في الأفكار والريادة في الأعمال وليس الاكتفاء بنفس النشاط الذي يعمل فيه أقراننا الآخرين، فإذا لم نطور ونضيف فإننا سنبقى كما نحن، فالتطوير مطلوب في كل عملية، وبدون تطوير سنبقى نراوح موقعنا ولن نتحرك منه.

تجاوب إيجابي من المسؤولين

كنت عضوًا في لجان غرفة تجارة وصناعة البحرين، ولم أجد سوى الدعم والثناء والشكر من الذي عملت معهم باللجان. والتاريخ الذي عملت فيه إلى جانب الغرفة كان مشرفا ولله الحمد، اذ بذلت خلاله ما استطعت من قوة وإمكانات، وأعطيتهم أفكار وجئت بمقترحات وسعيت في حل الكثير من المشاكل التي تتعلق بالشارع التجاري، وساعدني في ذلك كوني عضوًا بجمعية المقاولين البحرينية، كما أسعفني أنني كنت أتلقى الشكاوى والمشاكل التي أخذتها وحملتها على عاتقي وتعاونت مع إخواني في الجمعية لإيجاد حلول لها، واستطعت خلال وجودي في لجان الغرفة أن أنقل هذه المشكلات والمقترحات والحلول إليها، والحمد لله خلال الفترة التي كنت فيها بالغرفة تلقي الدعم الكامل من أعضاء مجلس الإدارة في الدورة الماضية (28) بالإضافة إلى دعم الجهاز التنفيذي بأكمله، فحصلنا على تشجيع ومساندة الوزراء والمسؤولين وأصحاب الشأن في حل تلك المشكلات وكل الأمور التي نقلناها حلت بأكملها. فعلى سبيل المثال عندما قابلنا وزير المواصلات والاتصالات كمال أحمد في مسألة السياحة والسفر وموضوع إيداع ضمان مصرفي من مكاتب السفر بقيمة 10 آلاف دينار رحب بنا الوزير ووقتها كنا نمثل رابطة عبارة عن خليط متنوع من العاملين بنفس القطاع من جمعيات والغرفة والتجار أنفسهم، وهذا ما شجع الوزير على الاستماع إلينا؛ لأننا كنا متحدين في رؤانا، وسعينا مع الوزير في الاجتماعات إلى أن نتكامل في القطاع، فوجدنا استجابة، كما وجدنا استجابة منه عندما ذهبنا في مسألة النقل الداخلي والخارجي. ولهذا فإننا وجدنا أن العمل الفردي يؤدي إلى نتائج سلبية، أما العمل الجماعي فإن نتائجه دائمًا أسرع وتكون أفضل وناجحة، وكذلك وجدنا التعاون من وزير الصناعة والتجارة والسياحة، وذات الأمر ينطبق على جميع الوزراء والمسؤولين المعنيين بالمشاكل التي واجهتنا في قطاعات مختلفة حيث كانوا ولله الحمد متجاوبين معنا.