+A
A-

جلالة الملك يملك أندر سلالات الصقور وأطيبها

- الصقارة فخر ويكفي أن يقال عنك إنك تنقل طيرا حرا

- المغفور له سمو الشيخ راشد بن عيسى كان من نخبة الصقارة

- المقناص كان بالسابق وسيلة اعتماد معيشية مؤثرة ومهمة

الصقارة هي رياضة الملوك والحكام، رياضة الأجداد الكريمة، وهي من العادات الأصيلة والدائمة والمستمرة في شبة الجزيرة العربية، ومن خيرة الهوايات المحببة للرجال، والذين يجري في عروقهم عشق الصحراء، والطيور الحرة، ومغامرات البرية الرائعة، والمتنوعة، والعجيبة.

وكانت البحرين، وحكامها، ورجالاتها، عبر التاريخ ممن برعوا في الصقارة، وكانت محطات الإرث العريق لهم، حضارة في المنطقة العربية، وغنية بأرشيف الرحلات في الإقليم، وفي البلدان البعيدة. في سياق ذلك كلة التقت “البلاد” صقار البحرين جابر بن علي بن حويل، وسلطت معه الضوء على هذه الرياضة الاستثنائية بهذا اللقاء الشيق.

بداية، لماذا أطلق على هذه الرياضة “رياضة الملوك”؟

نظرا لصعوبتها، وكلفتها، فإن تحتاج لإمكانات، تبدأ بشراء الطير، وتدريبه، واختياره، ناهيك عن رحلات المقناص نفسها، والتي تتسم بالكلفة والمجهود والتعب، والتغرب في البر، وفي دول بعيدة، مما يضطر القانص لأن يغيب عن أهله لفترات طويلة. والملوك والحكام هم الأقرب لهذه الرياضة، بحكم إمكاناتهم.

ما الممتع في هذه الرياضة؟

المتعة تكمن في صقارة الطير “الوحش” وتجهيزه وتدريبه، لتنتقل بعدها الى مرحلة الصيد بالطير، سواء الحبارى، أو الأرانب، أو الكرواين، فيشعر القناص بالافتخار وأن تعبه في تدريب الطير وتعليمه لم يذهب سدى، ويتجلى ذلك بوضوح في صيده.

وبالنسبة لي، أستمتع كثيراً بحبي للطير، وبوقت معظمه أقضيه معه، وحديثي في المجالس وفي المزاورات يدور حول الطيور، وأجدها بها افتخار تمثل صاحبها، ويكفي أن يقال عنك إنك تنقل طيرا حرا وبموروث عريق، الكل يتفاخر به. وأبسط الافتخار هنا هو إحياء الموروث نفسه.

كيف بدأت ممارسة الصقارة؟

بدأتها بالوراثة من أجدادي، وإخواني، وأعمامي، فطبيعة البيئة تأثر، كنت أراقب الوالد (رحمة الله عليه)، والصقور موجودة معه باستمرار، وكنا نعاونه، ونستمع له بحديثه عن الطيور.

ما أول طير اقتنيته؟

أولها كان وكري حرار سنة 1990، وكنت حينها في الثامنة عشرة من العمر، وجاءني هدية من أخي النائب عبدالله بن حويل، وكنت سعيداً به للغاية، وبفرحة لا توصف، وبدايتي كانت مع هذا الطير، لأنتقل تدريجيًا لمراحل الصيد والمقناص، فكانت أول رحلة لي للمقناص في باكستان برفقة سمو الشيخ محمد بن عيسى آل خليفة العام 1994، ومن بعدها تم احتكاكي بصقاقير مخضرمين لهم باع طويل بهذا المجال.

هل تسعف الطبيعة الجغرافية في البحرين للممارسة الصقارة؟

لا، فطبيعة الأماكن والأراضي غير مهيأة للصقاقير؛ نظراً لشح الأراضي الصحراوية، وعليه يتجه الصقاره للمقناص الخارجي، وأصحاب الإمكانات يقنصون في أماكن بعيده بالمغرب، وروسيا، أما ذوي الإمكانات المحدودة فيقنصوا ببر السعودية، وليس بذلك تقليل عليهم.

من أهم أشهر من يقتنون الصقور في البحرين؟

سيدي جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة حفظه الله ورعاه، إذ يملك أندر السلالات وأطيبها، سواء من فصيلة الحرار، أو الشواهين، أو الجير، وجلالته هو الداعم الرئيس لمثل هذه الهوايات بمملكة البحرين، وولد هذا الدعم الملكي لفتح باب مسابقات الصقور، وتشجيع الشباب على الانخراط بها، وإحياء الموروث الشعبي.

وخير هذه المسابقات بطولة سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة الدولية للصيد والصقور، والتي تستقطب سنويا مئات المشاركين، على المستويين المحلي والدولي.

ما المناطق التي تفرخ فيها “الحبارى” بدول شبه الجزيرة العربية؟

تأتي طيور الحبارى من روسيا والعراق، مهاجرة الى السعودية، وتتفرع من هنالك، ولها دراسة واضحة وحسبة معروفة تحدد خط هجرته، متى تبدأ الهجرة ومتى ترجع من هجرتها.

لماذا طير الحبارى هو المفضل لدى الصقارة؟

هو الأقرب للصقور من حيث مستوى ذكائه، والندية، بحكم أنه موجود في المنطقة، والله أعطاه أكثر من صفة تميزه، منها التخفي، وذكاء المراوغة، ولونها يتغير بحسب طبيعة تربة الأرض، وأحياناً كأنه يقرأ أفكار الصقار، ويخالف، والحبارى هو الطير الوحيد الذي ليس له صديق، فالكل يبلغ عنه، فور أن يراه، من التاجر والثري وحتى راعي الغنم؛ لأن الكل يرغب باصطياده.

ما الفرق بين صيد الطيور سابقاً، والآن؟

الإمكانات تختلف، في السابق لم تكن هنالك سيارات، وأجهزة، كأجهزة التصنت على الطيور، وأجهزة الاستشعار ومراقبة حركة تنقل الصقر، وغيرها، فالواقع أن اليوم الصيد أصبح أكثر سهولة، لكن الطرائد غير متوفرة بالكم المطلوب.

ما الذي يميز الصقور عن غيرها من الطيور الجارحة؟

كل طير وله ميزته، فالحرار تميزها ألوانها، وتركيبة الريش، وأحجامها متوسطة، وهي التي يرغبها الناس، ويرونها رمزا وفخرا، ضربت بها الأمثلة، كأن يقال عن فلان بأنه حر، دليلاً على محبة.

“البلاد سبورت”: ما أكثر ألوان الصقور المفضلة ولماذا؟

تندرج إلى أكثر من نوع، يميزها الأول وهو الأبيض، فالأسود، فالأشقر، الأدهم، والأحمر، والأخضر.

ما أفضل صقر اقتنيته؟

فرخ حر تركماني، صقرته وهو فرخ بعمر سنة واحدة، وظل معي لمدة تجاوزت التسعة عشر عاماً، ولقد نفق قبل 3 سنوات، وكان اسمه “مبروك”، والذي ميزه عن غيره بأنه طير صياد، كما كان جريئاً وسريعاً، وحاد الذكاء في المقناص لوحده “طلع”.

من الذي تراه قدوة لك في الصقارة؟

المغفور له سمو الشيخ راشد بن عيسى آل خليفة، ولقد كان (رحمه الله) من نخبة صقارة البحرين من حيث المعرفة، و “البخس” في معرفة الطير، وكان من الرجال الذين تعبوا على هذه الهواية، وكان دائماً يبحث عن أجود وأطيب أنواع “الحرار”.

وبعد احتكاكنا بسموه، استفدنا الكثير منه فيما يتعلق بجميع أمور الطير، من ألوان، ومسميات، ومصطلحات الطيور، وأمراضها، كان (رحمه الله) مدرسة في عالم الطير، والأخلاق.

“البلاد سبورت”: برأيك أخ جابر، ما الفارق بين المقناص قبل وبعد؟

المقناص كان بالسابق وسيلة اعتماد معيشية، فكان البعض يصاد بطيره الأرانب والطيور لتغذية أهل بيته، وأحياناً جيرانه وأقاربه ومن يعرفهم، فكان الجميع يعيشون على هذا الطير، والذي كان يوفر جزءا من قوتهم، أما الآن فالحال تغير، وبات الأمر ينحصر بالمحافظة على الموروث، وإحيائه، والاستمرار على وجوده كجزء من عادات المجتمع الأصيلة.

“البلاد سبورت”: رياضة الصقور الحالية تفرعت لفروع كثيرة، منها المسابقات، المقناص، المزاين (مسابقة جمال الطير)، ما رأيك بكل ذلك؟

أمر ممتاز، وتقدم ملحوظ وشيء مميز وإضافة للصقاقير؛ لأن بعض الصقاقير قد لا يتفوقون ببعض المسابقات، فتكون لديهم الخيارات بالمشاركة في مسابقات أخرى، وبمجال مفتوح للجميع، ولي بهذا السياق أن أشكر سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة، على دعمه لمثل هذا الموروث، ووضع بطولات سنوية متنوعة للصقاقير، دولية ومحلية.

“البلاد سبورت”: يلاحظ أن الصقار يختار أسماء مميزة للصقور الذي يمتلكها، كيف يتم اختيارها؟

أحيانا يتم اختيار الأسماء على الزعماء والشخصيات، وأحيانا من خلال مواقف تحصل، بين الصقار والطير، ومن أسماء الطيور التي اقتنيتها “مبروك”، وهو من فصيلة الحرار، وتم تسميته بذلك لهدوئه وأدبه، طير آخر أسميته “تلقيف” وهو من فصيلة الشواهين، وسبب تسميته لأن الطير كان لقفة “مسكة” للصيد كان ممتازًا، وهنالك “بدران”، وهو طير أبيض من فصيلة الجير، وأسميته بذلك تشبيهًا بالبدر؛ لبياضه الناصع.