+A
A-

“البلاد” تنشر لقاء الزميل المحافظة في برنامج الراي

قال محرر الشؤون المحلية والسياسية بصحيفة “البلاد” سيد علي المحافظة، إن أبرز الصعوبات التي واجهته أثناء إعداده التحقيق الفائز بجائزة الصحافة العربية عن فئة الصحافة الاستقصائية، تمثلت في تعقيد إجراءات أجهزة العلاقات العامة بالمؤسسات الرسمية لتزويده بالمعلومات اللازمة لإنجاز التحقيق. ودعا في لقاء له على برنامج الراي الذي تعرضه شاشة تلفزيون البحرين بمناسبة فوزه بالجائزة، المؤسسات الرسمية للامتثال إلى توجيهات رئيس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة الدائمة، بضرورة تسهيل وصول الصحافيين للمعلومات وإبداء أقصى درجات التعاون معهم لأداء رسالتهم في المجتمع.

وعبّر عن فخره واعتزازه بتحقيق هذا الإنجاز، في الوقت الذي أكد فيه دور هذه الجائزة في رفع مستوى إحساسه بالمسؤولية نحو تقديم الأفضل للمجتمع في قادم الأيام، وفيما يلي نص اللقاء:

 

ما هو شعورك وأنت تصعد منصة التتويج وتتسلم الجائزة التي يتنافس عليها كبار الصحافيين والكتاب العرب؟

- شعور مختلط، فيه جزء من الفخر والاعتزاز بأن أمثل مملكة البحرين بهذا التمثيل المشرف، في مثل هذا المحفل العالمي الذي يحضره لفيف واسع من الإعلاميين العرب، خصوصًا حين يحقق إنتاجك المركز الأول من بين 693 عملاً.

ومن جانب آخر، فهو شعور بالمسؤولية التي تترتب على حصولي على هذه الجائزة، وذلك من حيث التفاعل الواسع على المستويين الشعبي والرسمي مع هذا الإنجاز، مما يضعني أمام ضغط كبير يتمثل في السعي دائمًا نحو تحقيق توقعات هذا الجمهور في ما أقدمه من أعمال قادمة.

 

كم عامًا أمضيته في مهنة الصحافة، وهل كانت هذه الجائزة الأولى التي تحققها؟

- أمضيت حوالي 3 سنوات في هذه المهنة، وهذه الجائزة هي الأولى لي منذ دخولي عالم الصحافة، وأما قبل ذلك فسبق لي أن حزت المركز الأول لأفضل مقال صحافي في إحدى المسابقات التي رعتها آنذاك صحيفة محلية.

 

هل كنت تتوقع أن تفوز بهذه الجائزة في ظل منافسة عدد كبير من الصحافيين الذين ينتمون لصحف عريقة؟

- من الصعب التكهن بالفوز، وذلك لضخامة أعداد المشاركين، وخصوصًا من ذوي الأقلام المخضرمة، وصعوبة تحقيق معايير لجان الفرز والتحكيم، وعالمية المسابقة من حيث عدد الدول المشاركة فيها والبالغة 36 دولة.

فأنا من جهتي بذلت جهدي ووظفت كل خبرتي المهنية، وخبرتي العلمية في مجال الصحافة، ومطالعاتي الشخصية، للخروج بهذا العمل والمشاركة فيه، وسواء تحقق الفوز أم لم يتحقق، فالأهم هو إنجاز عمل أخدم فيه الوطن والإنسانية.

 

كم استغرقت من الوقت لإنجاز هذا العمل، وهل ممكن أن تقدم نبذة لنا عنه؟

- فكرة التحقيق كانت تسكن وجداني منذ فترة طويلة، إلا أنني لم أبدأ العمل فعليًّا في تنفيذها إلا في أكتوبر الماضي، واستغرق مني العمل عليها حوالي شهرين، وهو وقت قياسي بالنسبة للتحقيقات الاستقصائية، التي يستغرق بعضهم في إنجازها سنوات.

وأما عن ملخص التحقيق، فغالبًا ما ارتبطت مفردة العمران بمدلولات إيجابية، كالتنمية والحضارة والتطور وغيرها، ولكنني أردت أن أسلط من خلال هذا التحقيق الضوء على الجانب الآخر لهذا الرافد التنموي، وهو الجانب السلبي منه، واستعرت له لفظة التوحش.

ووصف التوحش ليس مجازًا، إذا ما تم النظر إلى الآثار السلبية التي ترتبت أو ممكن أن تترتب على استبدال الغطاء النباتي بالغطاء الإسمنتي، حيث سلطت الضوء على عدد من المخاطر والآثار المترتبة على هذا التوحش في التحقيق، كتأثيره على الطقس والصحة والبيئة بشكل عام.

وأردت من خلال هذا التحقيق، أن ألفت نظر المجتمع والمسؤولين إلى مخاطر عمليات التجريف للغطاء النباتي، وضرورة تحقيق التوازن بين الحاجة إلى التمدد العمراني، وبين ضرورة الحفاظ على الغطاء النباتي، خصوصًا في ظل عدم وجود دراسات وطنية تقيس أثر أعمال التجريف على صحة الإنسان وعلى البيئة والطقس وغيرها.

 

هل قدمت حلولاً في التحقيق لهذه المشكلة؟

- بالفعل، المشكلة الأساسية تتمثل في عدم وجود تشريعات تحمي الأراضي الزراعية، وهذه التشريعات تمثل بداية الحل، ومن ثم يأتي دور وضع الأنظمة وتطبيق الإجراءات وإطلاق المبادرات التي تنظم من عملية التوسع العمراني على حساب الغطاء النباتي.

 

ليكون الأمر واضحًا للجمهور، ما الفرق بين التحقيق الاستقصائي والتحقيق العادي؟

- أحد أبرز مميزات التحقيق الاستقصائي هو مستوى عمق التحقيق الاستقصائي مقارنة بالتحقيق العادي، إلى جانب شموليته، وكذلك حجم الجهد الميداني له دور مهم، إضافة إلى قرب التحقيق الاستقصائي من البحث العلمي، من حيث استفادته من أدوات البحث العلمي، إلا أنه يختلف عن البحث العلمي في لغته وأسلوب تناوله.

 

هل واجهتك صعوبات أثناء إعداد التحقيق؟

- أبرز الصعوبات تمثلت في التحدي المزمن في عالم الصحافة وهو تعقيد إجراءات أجهزة العلاقات العامة في المؤسسات الرسمية، الأمر الذي يؤخر ويصعب من عملية الحصول على المعلومة، في حين وجدت سهولة كبيرة في التعامل مع المختصين والخبراء لكونهم لا يمثلون جهة معينة.

وهنا أود التنويه والإشادة بتوجيهات سمو رئيس الوزراء الدائمة للمسؤولين، بضرورة تسهيل وصول الصحافيين للمعلومات وإبداء أقصى درجات التعاون معهم لأداء رسالتهم في المجتمع.

 

تحدثت عن الصعوبات التي واجهتك في عمل التحقيق، ولكن بالتأكيد هنالك صعوبات أخرى تواجه الصحافي في أداء مهنته، فهل لك أن تذكر لنا بعضها؟

- أبرز الصعوبات التي يواجهها الصحافي البحريني اليوم، هو أن يكون تحت ضغط العمل اليومي، الذي يرتبط غالبًا بالأحداث الرسمية والاجتماعية وغيرها.

ولذا، عندما تتراجع وتيرة الأحداث والفعاليات والحراك المجتمعي، يكون الصحافي أمام ضغط كبير، من حيث سعيه للبحث عما يشبع به حاجة الجمهور من معلومات وأخبار جديدة.

 

من خلال تحقيقك، هل توصّلت إلى أن هناك قصورًا من حيث وجود مختصين يعالجون هذه المشكلة البيئية؟

- من وجهة نظري، إن مملكة البحرين تزخر بالخبراء والمهتمين بمعالجة الوضع البيئي، ولكن هناك قصور على المستوى الرسمي من حيث عدم بحثه عن هؤلاء الخبراء والاستفادة من خبراتهم، وقصور آخر من قبل الخبراء الذين لا يبادرون بطرح مرئياتهم  لمعالجة هذه الظاهرة.

 

ما هي تطلعاتك المستقبلية؟

- قبل أن أتحدث عن تطلعاتي الخاصة، أود الحديث عن تطلعاتي بالنسبة للصحافة في البحرين.

فاليوم يعيش الإعلام المؤسسي سباقًا محمومًا مع الإعلام الفردي، من حيث كمية الأخبار وسرعة نشرها.

وفي اعتقادي إن المشكلة التي يعاني منها الإعلام المؤسسي اليوم يتمثل في عزوفه عن تقديم الأشكال التحريرية التي يتميز بها، كالتحليلات الإخبارية والتحقيقات الصحافية بمختلف أنواعها وغيرها من الفنون التحريرية، ولذلك فمن الصعوبة بمكان أن يصمد أمام منافسة الإعلام الفردي الذي هو أقل تعقيدًا فيما يتعلق بالأنظمة والقوانين الذي تحكم طبيعة عمله، إضافة إلى سرعته في عملية النشر.

وأما عن تطلعاتي الخاصة، فأنا أتطلع لأن أكون جزءًا من عملية التغيير الإيجابي في الصحافة البحرينية والعربية، وأن نكون ممن يعيد للصحافة دورها في توجيه الجمهور وتنوير المجتمع والمشاركة الفاعلة في عملية التنمية والبناء.