+A
A-

“حَمَدٌ فَأنتَ كَما طَلَبنا قَائِدٌ” (قصيدة)

قَد عَادَ قَلبِي في الغَرَامِ كَما بَدَا

وَالقَلبُ يَعشَقُ فِي الهَوَى ما عُوِّدَا

وَاعتَادَ قَلبِي أَن يَهِيمَ بَأَرضِنَا

وَهِيَامُ قَلبِي لَيسَ يَحكُمُهُ مَدَى

وَلِذَا تَرَانِي كُلَّ يَومٍ مُنشِدَاً

كَالطَّيرِ غَنَّى حَيثُ حَطَّ وَغَرَّدَا

فَالبُلبُلُ الصَّدَّاحُ لا يِهوَى سِوَى

لَحنَاً جَمِيلاً سَاحِرَاً كَي يَنشُدَا

أَكبَرتُ في البَحرَينِ مَجدَ رِجَالِها

أَلَقٌ عَلَى مَرِّ الزَّمَانِ تَجَدَّدَا

وَمَآثِرُ الأبطَالِ فِيها ثَروَةٌ

هَيَ خَيرُ مَا حَفَظَ الزَّمَانُ وَخَلَّدَا

وَلَقَد دَعَونا اللهَ جَلَّ جَلالُهُ

أَن يَرزُقَ البَحرَينَ شَهمَاً قَائِدَا

حَمَدٌ فَأَنتَ كَما طَلَبنَا قَائِدٌ

فَاللهَ نَشكُرُ أَن حَبَانا الأَجوَدَا

حَمَدٌ وَأَنتَ كَمَا عَهِدنَا سَيِّدٌ

وَلَنَا غَدَوتَ مِنَ المَحَبَّةِ وَالِدَا

حَمَدٌ فَإِن عُدَّ الكِرَامُ فَإِنَّكُم

أعلاهُمُ قَدرَاً وَأَندَاهُم يَدَا

حَمَدٌ فَكُلُّ النَّاسِ تَعرِفُ فَضلَكُم

وَالفَضلُ لَيسَ لَهُ سُوَى أَن يُحمَدَا

مَهمَا تَفَاخَرَت المُلوكُ بِمَجدِهِم

يَبقَى أَبو سَلمَانَ أعلَى سُؤدَدَا

وَلَأَنتَ صُغتَ المَجدَ مَدرَسَةً لَهُم

مَا كُنتَ إِلَّا، في المَكَارِمِ، أَحمَدَا

وَالكُلُّ، يَا حَمَدٌ، لَيُدرِكُ قَدرَكُم

فَلَقَد سَمَو فَدَربُكُم دَربُ الهُدَى

حَمَدٌ فَلا يَعلُو لِقَدرِكَ قَائِدٌ

يَا مَن بِمَفهُومِ الإِبَاءِ تَفَرَّدَا

إِنِّ الإِباءَ أَتَى أَبَا سَلمَانَ كَي

عَهدَ الوَفَاءِ يَصُونَهُ ويُجَدِّدَا

فَلَقَد بَذَلتَ الرُّوحَ أَنتَ رَخِيصَةً

كَي تَحفَظَ البَحرَينَ مِن كَيدِ العِدَا

مَا فَوقَ بِذلِ الرُّوحِ بَذلٌ في الوَرَى

مَن غَيرُكُم جَمَعَ القُلُوبَ وَوَحَّدَا

وَالحَقُّ قَولُكَ لا تَحِيدُ وَلَو تَرَى

صِدقَ النُّفُوسِ مَعَ اليَقِينِ تَبَدَّدَا

وَالفَصلُ فِعلُكَ في السًّلامِ وفي الوَغَى

مَا كُنتَ في هَذَا وَذَا مُتَرَدِّدَا

عَلَّمتَ شَعبَكَ كَيفَ يَحمِي أَرضَهُ

كُنتَ المِثَالَ لَهُم وَأَوَّلَ مَن فَدَى

عَلَّمتَنَا أَنَّ السَّلَامَ إِذَا انقَضَى

ذَهَبت جُهُودُ المُخلِصِينَ بِنَا سُدَى

وَبِأَنَّ خَيرَ سِلاحِ يَحمِي أَمنَنا

نَشرُ المَحَبَّةِ فِي القُلُوبِ تَوَدُّدَا

حَمَدٌ فِعَالُكَ، وَالفِعَالُ أمَانَةٌ

مَا كُنتَ في الأفعَالِ إلَّا الأرشَدَا

فَلَقَد قَضَى الرَّحمَنُ مَن يَختَارُ في

حَملِ الأمانَةِ أن يَكُونَ الأمجَدَا

فَلَكُم أَبا سَلمَانَ خَالِصُ حُبِّنَا

حُبٌّ بَدَا في القَلبِ ثَمَّ تَمَدَّدَا

ولَكُم أبا سَلمَانَ كُلُّ وَلائِنا

لَم نَلقَ شَخصَاً عَن وَلائِكَ حَائِدَا

فَإِذا عَزَمتَ فَسِرْ بِنَا نَحوَ العُلا

إنَّا أَبَا سَلمَانَ لَن نَتَرَدَّدَا

إِذ لَن نُعِيرَ السَّمعَ أو نُصغِي إلى

مَن إِن طَلَبتَ السَّيرَ مِنهُ تَمَرَّدَا

إِنَّا وَضَعنَا الرُّوحَ رَهنَ بَنَانِكُم

حَمَدٌ، وَجِئنَا بِالزَّمَانِ لِيَشهَدَا

فَليَشهَدِ التَّارِيخُ إِنَّا في الوَغَى

سَنَخُوضٌ خَلفَكُمُ البِحَارَ وَأَبعَدَا

إنَّا لَنُشهِدُ رَبَّنَا إنَّا إذَا

جَارَ العَدُوُّ مَصِيرُهُ مِنَّا الرَّدَى

بِدِمَائِنا نَفدِي المَلِيكَ وَأَرضَنا

وَلِغَيرِ وَجهِكَ رَبَّنا لَن نَسجُدَا

حَمَدٌ فَإِنِّي وَاثِقٌ مُتَيَقِّنٌ

أَنَّ العَدُوَّ أَمَامَكُم لَن يَصمُدَا

وَبَأَنَّ بَأسَكَ في الوَغَى لا يَنثَنِي

مَهمَا تَشَعَّبَ كَيدَهُ وَتَعَدَّدَا

وَالنَّصرُ دَوماً دَربُكُم وَحَلِيفُكُم

فِي كُلِّ مَيدَانٍ تَكُونُ مُسَدَّدَا

هَا أَنتَ يَا حَمَدٌ كَمَا نَهوَى وَها

أبنَاءُ شَعبِكَ خَيرُ مَن لَكَ عَاهَدَا

قَد جِلتُ، يَا حَمَدٌ، ذُرَاكَ وَها أَنا

ما كُنتُ حَيثُ بَدَأتُ إلَّا عَائِدَا