+A
A-

ما بعد منتصف الليل...

عقلي يقول لي اتركها، وقلبي لا يطاوعني، أعيش في داخلي حرباً ضروسا، لا تهدأ سيوفها ولا تلين سواعد رجالها بُغيّة الراحة حتى أرى السهام ملء عيني متجهةٌ نحوي، ماذا أفعل، قولي لي بربك، لم أعد أتحمل، هيّجت لُبي، وخلعت روحي من جسدي خلعاً، أشارف على الانتحار، هييي... أنا اناديكِ، هل تسمعينني، لماذا هذا الصمت المُطبِق، حاولت أن اتصل بكِ مراراً وتكراراً، تجاهلكِ يزيدني عُنفاً وهمجية.

للتوّ ضربت أختي الصغيرة، وصرخت في وجه أخي، ليست هذه أخلاقي، ولست معتاداً على هذا الأسلوب، أشعر بالذنب وتأنيب الضمير، صوت أمي يدوي في البيت، تُنذر باندلاع مشاجرة معي، صوتها يقترب من الباب، ها هي تطرق الباب بقوة “هييي، انت ليش تضرب إخوانك، مو قايلة لك لا تمد إيدك عليهم”، لا أريد أن أرد عليها، اُمعن في تجاهلها، “هييي، إنت ما تسمع، شكلك مُتْ، أحسن موت، ما تبي غدا؟؟، في الطقاق، لا تنزل”، لماذا كل هذا الجفاء الإلكتروني، والجفاف العاطفي، ألا ترين حالتي المزرية، ارتعاشة يدي، وجفاف حلقي، ونحالة جسدي، وذوبان روحي، بالله عليكِ ألا تعرفين ما امُرْ به في هذه الأيام، في العمل والمنطقة والعائلة، وفي داخلي كإنسان، لم أعد أتحمل.

كنت طيلة فترة غيابكِ “المُتعمد” أستمع لفيروز، التي لا تحبينها، كنت أريد أن أنساكِ، ولكن فشلتُ في خوض التجربة قبل أن ابتدئها، صورك التي تملأ هاتفي، صوتكِ الذي أحب استماعه عندما ينام الجميع، أو عندما ينام أبي، خوفاً من أن يمر بقرب غرفتي فيّستمع لصوتكِ، حيث إنهُ دائماً ما يمر في الليل للاطمئنان عليّ “بابا، انت قاعد، قوم صلّ صلاة الليل، أعرف إنك قاعد، قوم صلّ، واترك عنك الألعاب والافلام”.

المطر يهطل في هذه الساعة المتأخرة من الليل، أقف عند شرفتي، افتحها، أمد يدي، السماء تتلألأ بضوء البرق، يكاد أن يخطف بصري، لا أعرف هل انتِ الآن مستيّقظة لتري ما أرى، انهُ منظر رائع وجميل يا حبيبتي، أعدكِ بأن نتزوّج في الشتاء، وفي ليلة ممطرة كهذه الليلة، وربما نذهب سوياً إلى البحر، والسماء تُمطر، سيكون أشبه بالحلم، حُلم نشاهده ونعيشه سوياً، وما أجمل أن نصنع أحلامنا بأيدينا يا حبيبتي..

مجتبى عادل