+A
A-

السينما صنعت مجتمعات وساهمت في هدم أخرى وغيرت مبادئ

جاء من الخارج محملًا بالعديد من الأفكار والمهارات التي تفند وتلغي كل ماهو سائد في عالم السينما، وأخذ على عاتقه أن يترك بصمة وأثر يميزه عن غيره. المخرج البحريني الشاب هاشم شرف الذي تخرج من جامعة RMIT بشهادة بكالوريوس إعلام (دراسات سينمائية وصناعة أفلام)، وهو صانع أفلام تحدث معنا في هذا الحوار عن أن تكون أقرب ما يمكن من عالم السينما من وجهة نظره:

كيف يمكن للمخرج احتضان قصة الفيلم؟

المخرج عندما تصله قصة فيلم معينة يحتاج إلى أن يعيش هذه القصة ويتداخل في تفاصيلها ويحاول أن يعيش الشعور نفسه لكل شخصية، وإن كانت القصة في زمن معين فلابد له أن يقرأ ويبحث عن هذه الفترة، إضافة إلى مشاهدة العديد من القصص والأفلام الوثائقية المتعلقة فيها. فعلى افتراض لدي شخصية معينة تمر بحالة نفسية أنا بحاجة لذهاب إلى مستشفى الطب النفسي والجلوس مع أطباء متخصصين بعلم النفس أو أنني أعيش مع شخص في منزله لأعرف كل تفاصيل حياته، ففي فيلم "Shutter Island" بطل الفيلم دي كابريو جلس ليلة كاملة في السجن قبل أن يقوم بتصوير الفيلم الذي تدور أحداثه حول رجل يخرج من السجن.

إلى ماذا تحتاج السينما البحرينية والعربية اليوم؟

نحن بحاجة إلى خلق صناعة حقيقية، فنحن نمتلك العديد من الكتاب والمخرجين الذين يمتلكون الشغف والرغبة، حيث يذهب البعض لدراسة هذا العالم في الخارج سواء في البحرين أو البلدان الخليجية، لكنهم عندما يعودون لا يستطيعون الإنتاج أو المواصلة لأنهم لا يمتلكون أرضًا خصبة (صناعة أفلام) لذلك، والمقصود بها هو عدم وجود صندوق دعم أفلام وعدم وجود منتجين يؤمنون بهذا النوع من الفنون لدعمها وإنتاجها، لا يوجد نقابة خاصة بالإعلام والأفلام. إذا نحن بحاجة إلى دعم رسمي من جهات تؤمن اولا بهذا المجال، وبعدها ستنتج أفلام تساهم في رفع الاقتصاد والاستثمار ككل القطاعات الأخرى، لأن هذا المجال قابل للتطور والتقدم ولكنه بحاجة إلى بعض الدعم والإيمان.

ما الصعوبات التي تواجه المخرج السينمائي البحريني؟

لا توجد لدينا صناعة أفلام وبالتالي أنت تجتهد اجتهاد شخصي، فعلي سبيل المثال نحن لا نمتلك "Art Director" متخصص في البحرين حينها يقوم المخرج بالاستعانة بشخص من الهواة، ثم يقوم بتعليمه وفي التمثيل أيضًا نحن لا نملك موقعًا للـ Casting وكذلك في سائر التخصصات. إن المشكلة الأكبر التي نواجهها هي الدعم فنحن نريد من يؤمن بالشباب ويسعى إلى دعمهم وتطويرهم.

في رأيك لماذا الأعمال الروائية قليلة في المنطقة؟

يوجد لدينا العديد من النقاط التي نبدأ بها، أولًا عدم وجود صناعة أفلام حقيقية لدينا فصناعة الأفلام تحتاج إلى دعم وميزانيات ضخمة، إضافة إلى أنها تحتاج إلى اهتمام من البلد أو الجهات المختصة، ثانيًا الحاجة إلى وجود طاقات تدرس هذا المجال بالخارج ففي البحرين يوجد ولكن أعداد قليلة واجتهادات شخصية. ففي المرحلة القادمة ستكون هناك طفرة، وأتمنى أن تستيقظ البحرين لهذا الأمر حتى تكون في مصاف الدول الأخرى.

ما لذي يريد هاشم إيصاله من خلال القصصية التي يتبناها؟

عالم السينما كفن يختلف عن عالم الفنون بشكل كبير فيها يطرح المخرج أسئلة فمن الممكن أن يسبب الفيلم صرخة أو قصة توضح وتُفهم العالم حجم مأساة معينة كما فعلت المخرجة اللبنانية نادين لبكي في فيلمها "كفرناحوم"، فقد سببت صرخة عن اللاجئين ولكنها لم تطرح حل. في عالم السينما نحن نطرح القصص ولكننا لا نطرح الحلول وبعض الأفلام تأتي برسالة واضحة وهذا ليس بخطأ. لغة القصة في الأفلام هي بمثابة معلم فمن خلالها تعرف قصص الناس وتختبر مشاعرهم ومن ثم يقوم المتلقي بالاستنتاج والتحليل فهو عالم مختلف، فحياتنا عبارة عن أحداث وقصص والإنسان هو راوي هذه القصة.

هل بإمكان السينما إعادة بناء مجتمع بقيم ومعايير جديدة؟

بلا شك، السينما صنعت مجتمعات وساهمت في هدم أخرى وغيرت مبادئ وأضافت معايير جديدة، فهناك أفلام سنت قوانين جديدة، ولو تعمقنا في التاريخ لرأينا أن هناك بعض الأفلام على سبيل المثال فيلم أميركي ساعد في عتق رقبة شخص كان على وشك الإعدام ولكنه حصل على براءته في فيلم.

هل بإمكاننا تصنيف السينما كمكتبة تندرج ضمن ثقافة المرء ومنظوره حول العالم؟

شخصيًا رغم حبي للقراءة إلا أن السينما أجمل مكتبة بالنسبة لي، فيها بإمكانك أن تقرأ الكتب بشكل مرئي وتشعر بقصص الآخرين وتنظر إلى أبعادها، فهي فعلًا مكتبة عميقة، ففي كل فيلم قد تخرج بمعلومة جديدة فمن الممكن أن يكون الفيلم عاطفي أو فيلم يدرس حالات أو تخصصات مختلفة، ويوجد العديد من الأشخاص الذين قد قرأوا أو درسوا مختلف التخصصات كالفيزياء وعلم النفس والفضاء من السينما.

ما الأثر الذي يريد هاشم تركه في هذا المجال؟

لا يوجد أثر معين ولكن الفيلم السينمائي لا يخلو من الأثر، فأنت عندما تثير قصة في المجتمع ستنشر العديد من الأسئلة وبالتالي سيتم مناقشتها وتحليلها إلى أن تصل إلى مرحلة من الوعي الذي يأثر عليها. نحن السينمائيون نروي القصص والأثر موجود في جميع جوانب الحياة ونحن في كل فيلم نقوم به نترك أثرًا مختلفًا. 

وما القوالب التقليدية التي تريد كسرها؟

في كل المجالات هناك قوالب تقليدية تحد من الإبداع وتكون ضده، لذلك المخرج السينمائي يحاول دائمًا الخروج عن النمطية واستخدام إبداعه في تفاصيل الفيلم كافة، بدءًا من الفكرة مرورًا بالكتابة وانتهاء بالإخراج.