العدد 3449
الأحد 25 مارس 2018
banner
نقطة أول السطر أحمد جمعة
أحمد جمعة
جنة الكتاب وجحيم القراءة
الأحد 25 مارس 2018

‏سُئلت من سيقود الجنس البشري؟ فأجبت: الذين يعرفون كيف يقرأون، “فولتير”. قبل عامين كان معرض البحرين الدولي للكتاب قد أقيم بمتحف البحرين، وعلى أضواء شاطئ البحر مع نسمات الهواء وعبق رائحة رياح الشمال الدافئة بفصل الربيع، كان مشهداً خلاباً يوحي بأنك أمام عالم جديد يقود فيه الكتاب شعباً نحو القراءة ما يجعل الكون حضارياً تؤمن من خلاله بأن هناك من ينبض بروح إنسانية عظيمة، فلا أعظم من القراءة ولا فعل حضاري يوازي القراءة ولا أعظم من الكتاب سوى كتاب، هذا ما تخيلته وأنا أسبح بنظري بين أغلفة الكتب ومياه البحر في ذلك المعرض.

هذا الشهر يأتي المعرض بقلعة عراد الواقعة هي الأخرى على البحر، وموعدنا مع الكتب ونسائم ربيع 2018، وهو المعرض الدولي الذي يوشك أن يبدأ بنهاية هذا الشهر، وهنا أتذكر مع الأسف الشديد هذه المقولة التي لا أعرف من قالها ولكنها تجسد وضعاً عربياً مزرياً للأسف الشديد، “إنهم يريدون أن يفتحوا العالم وهم عاجزون عن فتح كتاب”، مضت علينا عقود بل قرون فقد فيها العرب القراءة وانتهى عصر الكتاب الذهبي، لا أتخيل اليوم طرفة بن العبد والفارابي وابن خلدون وابن رشد وابن عربي وابن سينا وأبو نواس وطه حسين ونجيب محفوظ، وغيرهم، هذا الموروث الكتابي أضحى اليوم لا شيء يُذْكر.

هناك معارض للكتب تقام بالعالم العربي تفوق في حجمها أكبر المعارض العالمية كمعرض الرياض والقاهرة وأبوظبي، لكن حال القراء والقراءة لا يسر صديقاً ولا يغيظ عدواً فمازلنا للأسف مرة أخرى شعوباً صدق فيها قول موشي دايان “العرب لا يقرأون” أرجو ألا يغضب ذلك البعض، لا يعني وجود بضعة عشرات أو مئات يقتنون كتباً بالمناسبة أن هناك قراءة وقراء، ولا يعني وجود عشرات أو حتى مئات يمسكون الكتاب أننا شعب يقرأ، لا وألف لا، نحن شعوب لا تقرأ، وإن قرأنا اخترنا ما لا ينطبق عليه معنى كتاب وهذه كارثة، فالقراءة هي التنفس الذي يجري في الشريان مثل الهواء إن توقفت عن تنفس الأكسجين مت، وإن توقفت عن القراءة مت كذلك، هذه هي العبارة التي تنطبق على شعوب العالم ولا تنطبق علينا، هل تصدقون أنه في بعض الدول حتى وزراء الثقافة لا يقرأون وهنا الزلزال.

إن معارض الكتب المنتشرة في أرجاء الوطن العربي وما يصاحبها من توقيع الكتاب وندوات وأمسيات وأضواء وكاميرات وتصريحات كلها “برستيج”، إننا أمة تقرأ، ولكن لا تقرأ! الهنود يقرأون والأوروبيون والأميركان والإسرائيليون خصوصا يقرأون وكل العالم يقرأ إلا نحن نتظاهر بالقراءة إلى حد أن بعضنا يحب تصوير نفسه خلف المكتبة من دون أن يأخذ منها كتابا، معرض الكتاب القادم ومكانه نسمة من الجنة ولكن للأسف من يقرأ؟.

 

تنويرة:

البيت بلا مكتبة كالغابة بلا أشجار.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية