العدد 3429
الإثنين 05 مارس 2018
banner
ما للسيارات... مشيها وئيد؟!
الإثنين 05 مارس 2018

اعتبر البعض ردّ وزير الأشغال وشؤون البلديات والتخطيط العمراني عصام خلف، على مقترح بلدي المنطقة الشمالية باستغلال واستثمار أراضي الفضاء للخدمات العامة بالمشاريع الإسكانية، بالتوصية بتحويل جميع الساحات والحدائق التي لم يتم البدء في إنشائها أو تطويرها إلى مواقف للسيارات؛ من الأمور الصاعقة، والتي لا تتناسب مع التوجهات العالمية بمنح المناطق السكنية “رئات” تتنفس منها، عبر الحدائق والمتنزهات والملاعب الصغيرة الآمنة. والحق يقال، الوزير خلف يعتبر واحداً من الكفاءات الوطنية المشهود لها، وهو صاحب باع طويل في الخدمة في وزارة الأشغال، على تبدلات اسمها، ورجل تدرّج في المناصب الإدارية، وكان صاحب عدد من المقترحات التي لم تلق الموافقة في حينها، أي قبل 30 عاماً ربما، سعياً لحل المشاكل المرورية الناجمة عن التكدس المتزايد للسيارات في المواقف العامة، وفيضانها في كل مكان في البحرين تقريباً، وحجزها الأرصفة التي يجب أن يمشي عليها الناس، لا أن تكون مواقف للسيارات فيمشي الناس على أطراف الشارع... ولكن هذا هو الحال.

فكيف يمكن أن تسيطر البحرين على تزايد غير خافٍ في عدد السيارات التي تنزل سنوياً إلى السوق المحلية، وبالتالي إلى الشوارع، وكان آخر رقم معلن عنه في موقع الإدارة العامة للمرور يعود إلى العام 2014 يقول إن عدد السيارات في البحرين 573.3 ألف سيارة، ولكن الأرقام الصادرة عن الجهاز المركزي للمعلومات أن عدد المركبات في البحرين بلغ 700 ألف وحدة حتى العام 2016، أي بزيادة نسبتها 52 % عن 10 سنوات فائتة، بدءا بالعام 2006 حيث كان عدد المركبات في المملكة 337 ألفاً، كما زاد عدد المركبات خلال العام 2016 عن الذي سبقه بنحو 50 ألف مركبة، وبينما كانت رخص القيادة قد بلغت 46373 ألف رخصة قيادة في العام 2015 فإنها في العام 2017 قفزت إلى 74 ألفاً، أي بزيادة تفوق 27.5 ألف رخصة قيادة جديدة.

إن هذه الأرقام هي الأقل إيلاماً وصعقاً للقارئ من تلك التي تنتج عنها من حوادث مختلفة، ومشاحنات في أماكن الوقوف سواء في الفضاءات العامة أو في الأحياء وبالقرب من البيوت، وما تلقيه الازدحامات من كلف نفسية واقتصادية وبيئية وعصبية في الشوارع نفسها، كما أنه ليس من المرجح أن تتوقف الزيادات في الرخص والسيارات والأنفار أو تستقر، وليس في الأفق أن تفوز الحكومة في سباق مدّ الشوارع وتوفير المواقف، فهذه السباقات خاسرة إذا ما تركت الزيادة على شكلها الحالي لا ضابط لها، ثم؟ أليست هذه حلول امتصاصية حتى تتشبع إسفنجة البحث عن زوايا قليلة وشحيحة لم تطرق... ماذا عن السنوات العشر المقبلة، وماذا بعد ذلك؟

تعب البحر منّا لكثرة ما دفناه ودمرناه، وضاقت الأرض بما رحبت بثقافة التمدد الأفقي، وإعادة شراء الأراضي الخاصة لتحويلها إلى مواقف سيارات مضيعة للوقت والمال، فلابدّ من الالتفات إلى الحلول الجذرية ولو كانت مؤلمة بعض الشيء، ولكن بعض الألم خيرٌ من رفع راية الاستسلام أمام معضلة كهذه.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .