العدد 3425
الخميس 01 مارس 2018
banner
الحُماة في المؤتمرات
الخميس 01 مارس 2018

لفتني مقال الزميلة فاطمة خليل، المنشور في الزميلة “الوطن” عن دور المثقف في تمثيل بلاده، والحديث عنها، خصوصاً إن كان خارج حدودها، ليكون حصنها الحصين، ودرعها المتين، يذود عنها، ويفديها بالغالي والنفيس... وهذا ما لم تقله الكاتبة، ولكن هذا ما يحدث على أية حال.

فلقد اعتاد مثقفون وأكاديميون عرب على وجه التحديد، عدم قبول أي شيء يقال عن بلدانهم في الملتقيات الخارجية، يندهشون أشدّ الدهشة كيف ينظر إليهم الآخرون الساكنون في الأطراف جميعا، وما يراه هؤلاء عماراً، يراه أولئك دماراً، ويحدث ألا تصل الأطراف المتحاورة إلى وجهات النظر المقابلة لأنه عند الاشتداد والاحتداد وعلوّ الأصوات، لا أحد يسمع الآخر، ولا أحد يريد إقناع الآخر، بل إسكاته، والتسابق على من يضع النقطة الأخيرة ليقفل الجدال، ويا لها من حالة حين ترى الدهشة تعلو الوجوه عندما يأتي البعض لنقض ما اطمأنّ إليه الآخر.

المسألة لو كانت على مقهى في أحد المصايف، أو مشادة حدثت في مطعم، لهانت الأمور، لأن من المتوقع أن يكون من بين الناس من تتراوح قدراتهم العقلية، وتتباين إمكاناتهم التحليلية، والناس ليسوا سواء، هكذا خلقهم الله. لكن أن يحدث ذلك في الملتقيات العلمية، والمؤتمرات المتخصصة، فهذا ما يجعل المرء يتساءل عن هدف الحاضرين ونوعياتهم.

فما هو معروف أن الباحث يكون متجرداّ وشفافاً وغايةً في العلمية، يقوده ما يصل إليه، ويخضع لما علمه واستوثق منه، لكن ما نراه في هذه المناشط العلمية العربية يذهب غالباً إلى المغالبة.

وليس كالخليجيين حميّة واندفاعاً للدفاع عن منطقتهم على أنها جسم واحد، فتجدهم أحياناً، وهي في غمرة ملتقى علمي، يهبّون مفنّدين ما يقوله الآخرون في عن الأوضاع في بعض البلدان.

من حقنا أن نتساءل على امتداد الخريطة العربية عن الكسر كيف يبرأ ونحن نتجنبه عامدين ونجبر الأطراف السليمة؟ كيف ندّعي التحضر ونحن لا نستطيع سماع المختلف عنا؟ كيف يقول الباحثون والعلماء إنهم كذلك وهم حتى لا يتركون المباين لهم يُكمل جملته؟ والمحصلة النهائية لا تعود المياه إلى مجاريها، بل تجفّ المجاري، وتنصرف مياه القلوب إلى نواح أخرى، وتبدأ في المزيد من التعكر.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .