العدد 2941
الأربعاء 02 نوفمبر 2016
banner
درس الأمس؟
الأربعاء 02 نوفمبر 2016

قد يتساءل البعض لماذا يكون تركيزك دائما على الأمن؟ هل لأننا نعاني انعدام الأمن؟ أو لأننا نسعى للتحريض على الآخرين والتضييق عليهم بالدعوة للأمن؟

الحقيقة الغائبة عن بال الكثيرين بعد أكثر من خمس سنوات على محنة الدوار المشؤومة هي أننا لم نتعلم بعد الدرس الأساسي من التجربة المُرة التي أفزعت البشر والحجر يومها لدرجة أبكت أشد الرجال، لأننا ببساطة كنا سنضيع مثلما ضاع للأسف الشعب السوري والشعب العراقي، ولَكان مصيرنا لا قدر الله اليوم كلاجئين على وجوهنا في بلاد الله الواسعة، لهذا السبب لا أتوقف ولا أنسى ولن يهدأ لي بال ما لم أر في كل يوم بل وفي كل ساعة ما يؤكد لي أن الدولة والمسؤولين والحكومة همهم الأول والثاني والعاشر هو الأمن، لأنه الركيزة الأساسية لبقائنا ووجودنا، فعندما أتأمل وجوه أبنائي وأحفادي وأرى المستقبل مشرقا في وجوههم لا أتصور يوماً حالنا حال الشعوب العربية الشقيقة التي تشردت وأصبحت تائهة في بقاع الدنيا، ومن يتأمل اليوم الشعب العربي الذي كان يعيش آمناً مستقراً في أرضه مهما كانت ظروفه ومهما كانت مشاكله مع حكوماته ومهما كان تذمره من أوضاعه، إلا أن كل ذلك لا يقارن مع من تحول أطفاله إلى جثث على سواحل دول العالم وإلى خيام منصوبة على الحدود وقوارب تنقل الموتى عبر المحيطات، بل الى لاجئين تتقاذفهم سلطات الحدود، أليس ذلك لأن هذه الدول والشعوب ذاتها هي السبب بعد أن تقاعست عن صون أمنها؟ وصدقت كذبة الديمقراطية وحقوق الإنسان حتى فقدت هي حقها في العيش كإنسان وأدنى.

هذه الديباجة رد على من يوهمنا اليوم بتغيير في الخريطة السياسية، وأن هناك عودة للمؤزمين في انتخابات 2018 وهو أمر يصعقنا لو تم من دون أن يعود هؤلاء لرشدهم، ليعتذروا لوطنهم بعدما أعلنوا في الدوار 2011 عن إسقاطه ودعوا لشنق قادته وأبنائه من الشرفاء، فهل من العقل والحكمة أن نفتح لهؤلاء الباب من جديد وندعوهم للعودة للبرلمان وهو أخطر موقع حساس في الوطن ورمز الشعب ليعاودوا من جديد رسم سيناريو التسقيط؟

من هنا أقول الأمن والأمن والاستقرار، ولا يجب التراجع عن هذه الأولوية مهما طرأ من تغيير ومهما تلون من تلون، وتغير من تغير، وصدق من قال “من لدغته الحية يخاف من الحبل”، والمؤكد أن الخوف من الحية قائم مادامت رؤوس الفتنة تتوارى وقت تشديد الخناق عليها وتقفز وقت فتح الأبواب لها، وهناك اليوم من يكتب ويمهد ويعبد الطريق لعودة هؤلاء تحت حجة العمل السياسي وهو العمل الدمر الذي من ورائه جرى ما جرى في العام 2011، من هنا لا أتردد في القول إن الأمن هو المطلوب وليس السياسة، والبرلمان القادم لا يجب أن يكون وكراً للثعابين والقوارض التي تنخر في نظامنا تمهيداً لإسقاطه بعد ما تتمكن من العودة للظهور في سيناريو جديد تعد له منذ الآن تحت خدعة وجود تيارين، تيار عقلاني يريد الدخول في اللعبة السياسية وتيار متشدد يريد اسقاط النظام، الذي أراه اليوم أنه لا يوجد سوى تيار واحد محبط ينتظر الفرصة للانقضاض، ويجب أن لا نعطيه فرصة، وعلينا أن نتذكر أن هؤلاء كادوا يحولوننا لاجئين مثلما فعلوا مع الشعبين الشقيقين العراقي والسوري.

 

تنويرة

الزمن يرتفع سعره معنا كلما تقدمنا  في السن، حتى أننا نعجز لو دفعنا المليارات عن شراء ساعة واحدة للوراء. 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .