العدد 2861
الأحد 14 أغسطس 2016
banner
“حان وقت إزالة المكياج”
الأحد 14 أغسطس 2016

كتاب أميركا في الجرائد الأميركية لا يختلفون عن بعضهم في رؤية الأمور مقلوبة، هذا في شؤونهم الداخلية فيما يتعلق بمناقشة الأوضاع الداخلية وخصوصا في موضوع الانتخابات الأميركية، وخلال ظهورهم على شاشات التلفزة هنا مثل فوكس نيوز، وسي بي اس، وسي ان ان، وغيرها من الفضائيات، استغربت من اتهام بعضهم البعض بالجهل وعدم الإلمام بالموضوعات، بل ذهب بعضهم لاتهام البعض الآخر بالفبركة وعدم المصداقية وهذا ما جذب انتباهي ورحت أركز عليه في الكثير من اللقاءات التي جرت بين بعضهم البعض، وحفظت الكثير من الأسماء التي جرى اللقاء بينها وتكررت فيما بعد بالمماحكات، وكانت أغلب البرامج التي تستضيف هؤلاء تركز على الجوانب الاستعراضية وتنتهز الفرص لاستدراج هؤلاء الكتاب لمواجهات وإثارات، حتى على مستوى مناقشات القضايا المتعلقة بالمنطقة كالوضع في ليبيا والعراق وداعش وإيران كانت القضايا تعالج هنا على شاشات الفضائيات من قبل كتاب الأعمدة الأميركيين بأسلوب مبني على الإثارة.
تذكرت كتابنا المحليين في البحرين وتذكرت مواقفهم وأسلوب معالجتهم القضايا ومقدار المسؤولية التي تتحملها كتاباتهم وحجم هذه المسؤولية التي تجعل الواحد منا يدرك أهمية الصدق والموضوعية والبعد عن الإثارة، حينها استدعتني كلمات سمو رئيس الوزراء خليفة بن سلمان رعاه الله وحفظه وهو يشيد بهؤلاء الكتاب ومقدار مسؤوليتهم وتكبدهم المعاناة في سبيل إظهار الحقائق من دون اللجوء إلى أسلوب المنافسة والإثارة وشد الانتباه من خلال إبراز القضايا المطروحة للمناقشة بطريقة تسليط الضوء على الكاتب نفسه أكثر من تسليط الضوء على القضية المطروحة، وهنا تساءلت وأنا اتابع تلك المماحكات والإثارات على الطريقة الهوليوودية، إذا كان هؤلاء الكتاب يعالجون القضايا والموضوعات المتعلقة بهم وببلدهم وشؤونهم الداخلية بمثل هذا الأسلوب الهوليوودي، فما هو الحال وهم يتعرضون لقضايانا العربية والمحلية في البحرين على سبيل المثال؟ هنا أدركت مقدار وحجم المسؤولية لدينا مقابل الوهم الذي يسوقه لنا بعض المأخوذين ببريق الأجنبي الذين يعتقدون أن كل ما يصدر عن الصحافة الغربية فوق النقد ولا يمكن الطعن فيه، لقد أدركت أن كل ما يكتب عنا في الصحافة الغربية وخصوصا الأميركية والانجليزية وغيرها يستند لأسلوب الإثارة وينطلق من شخصية الكاتب ومزاجه وانتمائه كما ينطلق من مصلحة أصحاب البيوت المالية المرتبطة بالصحيفة، وهذا ما يجعل اغلب الكتابات الغربية خاضعة للمزاجية أكثر مما هي ملتزمة بالحد الأدنى من الموضوعية والمصداقية، وهنا أيضاً تذكرت إشادة سمو رئيس الوزراء بكتابنا ومسؤوليتهم الجسيمة تجاه الوطن والشعب، وتذكرت النقد والمعالجة والروح الوطنية الخالصة البعيدة عن الإثارة التي تطبع كتاباتهم وهو ما يمثل فخرا واعتزازا بهؤلاء الزملاء من الكتاب.
الحقيقة الواضحة مما لاحظته وتوقفت عنده هنا خلال الأيام التي قضيتها في متابعة بعض هذه اللقاءات هو أننا للأسف الشديد دأبنا منذ سنوات على تبجيل الأجنبي
والإعجاب به والتقليل من شأننا ومن شأن كفاءاتنا، ليس فقط على صعيد الكتابة والصحافة وحتى على الأصعدة الأخرى الأمنية والاقتصادية والثقافية، للأسف الشديد نستورد تلك الخبرات ومجتمعاتنا تزخر بالطاقات الوطنية، وخصوصا في مجال الثقافة والمال وإدارة المشاريع والتي لا أعرف إلى متى سنظل نحتفي بالأجنبي ونبجله على حساب الكفاءات الوطنية؟ هذا ما كشفته لي مماحكات وسفسطات الكتاب الأميركيين في الموضوع الساخن اليوم هنا ببلدهم، وهو الانتخابات الأميركية والصراع الاستعراضي بين ترامب وكلينتون وهو صراع لعملة واحدة ذات وجهين يتفقان فيها على مصلحة أميركا على حساب مصالحنا الوطنية التي لا نعرف كيف نحافظ عليها وسط الإعجاب المزيف بالأجنبي مهما كان سيئاً لكنه في نظر البعض يظل الأجنبي أفضل من الوطني وهذه هي الخدعة الكبرى التي حان وقت الخروج من نفقها.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .