العدد 2857
الأربعاء 10 أغسطس 2016
banner
“حتى على الموت TAX”
الأربعاء 10 أغسطس 2016

مواطن أميركي يتمنى لو وُلِدَ أحفاده هنا عندنا في دول مجلس التعاون، ليست هذه سفسطة بل واقع يمكنك تلمسه من الحياة هناك عندهم.
سوف يصعق أي أميركي تخبره هذه الأيام عن مستوى المعيشة والاستقرار المالي أو الاقتصادي عندنا والتنمية والرفاهية التي تتمثل في مجانية الخدمات الصحية والتعليمية والمشاريع الإسكانية والرعاية الصحية للمواطنين والأجانب، وفوق ذلك سوف يصعق وربما يغمى عليه عندما تخبره بأنه لا توجد ضرائب على المواطنين وعلى كل سلعة تشتريها من عود الكبريت والإبرة حتى السيارة والمنزل، هذه الضريبة التي تطارد الأميركي والمقيم في المطعم والمتجر والشارع والمرور والصيدلية وكل مكان تذهب إليه إلا وتدفع الـ “TAX” وهو عبارة عن دراكولا يمتص كل ما يأتيك من خير، وهنا لا تقل لي إن ذلك لا يضايق الأميركي لا بل يقتله ويدفعه للجنون، ولكن هذا هو النظام وهذه هي الآلة التي تسير هذه الدولة العظمى القادرة على تحريك العالم من حولها، وعاجزة عن إرضاء مواطنيها الذين يتعطشون للتغيير الذي يجلب لهم مستوى أرفع من المعيشة، حيث الخدمات الصحية والتعليمية وكل ما يتعلق بحياة المواطن هناك المرتبطة بالمال فإن لم تملك المال تأكد أن نهايتك محتومة.
الذي لفت نظري هو أن مستوى المعيشة تدنى خلال السنوات الأخيرة فيما الحياة تزداد صعوبة وهناك جملة سمعتها تتردد على ألسنة كل الأميركيين، الغني والفقير منهم، وهي لا توجد حياة خارج عالم المال، فالحياة منحصرة بين المنزل والعمل ولا توجد حياة خارج هذه الدائرة، والسؤال الذي أثارني هو كيف نعيش نحن في مجتمعاتنا الخليجية مع كل ما توفره لنا دولنا من خدمات على كل الأصعدة ومع ذلك هناك من يتذمر فينا ولا تعجبه الحياة، بل هناك من يتطلع للعيش في دولة مثل إيران ويضحي بكل ذلك النعيم ولا يرى الفرق بين الجحيم والنعيم، وهل هذا الأعمى الذي فضل الحياة في ايران حقاً لا يعرف أن الحياة في دولة مثل أميركا صعبة فما بالك بالعيش في دولة مثل إيران؟
في الكثير من المناسبات والمواقف أكد سمو رئيس الوزراء حفظه الله ورعاه أهمية الحفاظ على المكاسب والمنجزات التي تحققت على مدى السنوات الماضية والتي تتمثل بالأمن والاستقرار الاقتصادي والمالي للمواطن والمؤسسات في عالم يموج اليوم بالخوف من الفقر والجوع والكساد، ما أريد أن أصل إليه هنا هو أن مجتمعاتنا الخليجية والحمد لله تعيش اليوم، بفضل سياسات التنمية والاستقرار والأمن، حالة من الاستقرار المعيشي لا تتوفر في الكثير من الدول الغنية التي يعاني مواطنوها من عسر العيش بل والتشرد والفاقة وفي ذات الوقت يحلم المواطن في الدول الغنية بالامتيازات التي توفرت لنا نحن هنا، نرى بعض المضللين والموتورين عندنا ممن تنكروا للوطن يحاولون هدم ما بنيناه خلال العقود الماضية والتشكيك في المنجزات التي تحققت وجعلت من دولنا الخليجية نموذجا للحياة العصرية المريحة، فلو أخذنا فقط الصحة على سبيل المثال وماذا يحدث للمريض في الدول الغربية مقارنة بالرعاية الصحية التي يتلقاها المواطن الخليجي والمقيم لوجدنا مفارقة لا يمكن تخيلها، أن يلقى المواطن في الدول التي من المفترض أن تعلمنا الديمقراطية حتفه ويحتضر أمام عيون الأطباء من دون أن يطرف لهم جفن ما لم يدفع أولاً تكاليف انقاذه، بينما هنا في البحرين حينما تعطس تجد نفسك تحت رعاية صحية مجانية ابتداء بالفحوصات والنوم والأشعة والأدوية والنقاهة وتخرج من دون أن يطالبك أحد بفلس واحد، خذوا هذه المقارنة بين من يموت عندهم من دون علاج وبين علاج الزكام بأحدث الوسائل مع صرف الأدوية المجانية، هذه الصورة فقط لو تأملناها لوجدنا أنفسنا نعيد النظر في الكثير من المسميات وخصوصا معنى ومفهوم الديمقراطية، فهل من الديمقراطية أن يموت الانسان من دون أن يجد علاجا؟ أو يحيا حياة معيشية طبيعية مع استقرار من دون شعارات فارغة كالديمقراطية؟ إذا كانت الديمقراطية تعني انسحاق الانسان ما لم يدفع تكلفة انقاذ حياته فهذه الديمقراطية التي يتحدث عنها الغرب وقال عنها مواطن أميركي فقد الثقة في عالمه، أود لو يُولد أولادي وأحفادي عندكم.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .